علامة الزمان القاضي أبو يعلى " ت 458 ه " في الأحكام السلطانية [1] ، كلاهما ، قالا في كتابيهما : " الإمامة تنعقد من وجهين : أحدهما باختيار أهل العقد والحل ، والثاني بعهد الامام من قبل . " فاما انعقادها باختيار أهل الحل والعقد فقد اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتى ، فقالت طائفة : لا تنعقد الا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد ليكون الرضا به عاما والتسليم لامامته اجماعا ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر [2] رضي الله عنه على الخلافة باختيار من حضرها ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها . وقالت طائفة أخرى أقل من تنعقد به الإمامة خمسة يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة استدلالا بأمرين : أحدهما بيعة أبي بكر ( رض ) انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها ثم تابعهم الناس فيها وهم عمر بن الخطاب [3] ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وأسيد بن حضير ، وبشير بن سعد ، وسالم مولي أبي حذيفة ( رض ) ، والثاني ان
[1] الأحكام السلطانية للشيخ أبي يعلى محمد بن الحسن الفراء الحنبلي ط . الأولى بمصر سنة 1356 ه ص 7 - 11 . وإنما اعتمدنا عليهما أكثر من غيرهما من كتب مدرسة الخلفاء لان هذا النوع من الكتب مثل كتاب الخراج لأبي يوسف إنما ألف لتدوين الاحكام التي تخص شؤون الحكم على رأي مدرسة الخلفاء ومن أجل العمل به ، خلافا للكتب التي دونت في مقام المناظرة وليس للعمل بها وكل ما نورده في ما يلي من كلا الكتابين وما انفرد به أحدهما ذكرنا ذلك في الهامش . [2] أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة عثمان بن عامر القرشي التيمي ، وأمه أم الخير سلمى أو ليلى بنت صخر التيمي ، ولد بعد الفيل بسنتين أو ثلاث ، صاحب الرسول في هجرته إلى المدينة وسكن ( سنح ) خارج المدينة وكان يحلب للحي أغنامهم حتى ولي الخلافة ، انتقل إلى المدينة بعد ستة أشهر من ذلك وتوفي سنة ثلاث عشرة وروى عنه أصحاب الصحاح 142 حديثا راجع ترجمته بأسد الغابة وفي تاريخ ابن الأثير ج 2 / 163 في ذكر بعض أخباره ، وجوامع السيرة ص 278 . [3] أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي وأمه حنتمة بنت هاشم أو هشام ابن المغيرة المخزومي أسلم بعد نيف وخمسين بمكة وشهد بدرا وما بعده استخلفه أبو بكر في مرض موته وتوفي من طعنة أبي لؤلؤة إياه ودفن هلال محرم سنة 24 ه إلى جنب أبي بكر روى عنه أصحاب الصحاح 537 حديثا - ترجمته في الاستيعاب وأسد الغابة وجوامع السيرة ص 276 . وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح كان حفارا للقبور بمكة شهد بدرا وما بعدها ومات بطاعون عمواس - كورة قرب بيت المقدس - سنة 18 ه روى عنه أصحاب الصحاح 14 حديثا ترجمته بأسد الغابة وجوامع السيرة ص 284 ، وطبقات ابن سعد ط . أوروبا ، ج 2 / 2 / 74 . وأسيد بن حضير بن سماك الأنصاري الأشهلي شهد بيعة العقبة الثانية وجميع مشاهد النبي كان أبو بكر لا يقدم أحدا من الأنصار عليه توفي سنة 20 أو 21 ه فحمل عمر نعشه بنفسه روى عنه أصحاب الصحاح ، 18 حديثا ، ترجمته في الاستيعاب والإصابة وجوامع السيرة ص 283 . وبشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي يقال أول من بايع أبا بكر - وكان حاسدا لسعد وقتل يوم عين التمر مع خالد اخرج حديثه النسائي في سننه - عبد الله بن سبأ ج 1 / 96 ، والتقريب 1 / 103 وأسد الغابة . وأبو عبد الله سالم مولى أبي حديفة بن عتبة ربيعة الأموي كان من إصطخر فارس أعتقته ثبيتة الأنصارية زوج أبي حذيفة فتبناه أبو حذيفة ولذلك عد من المهاجرين هاجر إلى المدينة قبل رسول الله وكان يؤم المهاجرين فيها وفيهم عمر بن الخطاب لأنه كان اقرأهم للقرآن ، آخى الرسول بينه وبين معاذ من الأنصار قتل يوم اليمامة ترجمته بأسد الغابة .