اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة ، وتركوا جنازة الرسول يغسله أهله ، فقالوا : " نولي هذا الامر بعد محمد ، سعد بن عبادة ، وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض . . " . فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر سابقة الأنصار في الدين وفضيلتهم في الاسلام ، واعزازهم للنبي وأصحابه وجهادهم لأعدائه ، حتى استقامت العرب ، وتوفي الرسول وهو عنهم راض ، وقال : استبدوا بهذا الامر دون الناس فأجابوه بأجمعهم : أن قد وفقت في الرأي ، وأصبت في القول ولن نعدوا ما رأيت نوليك هذا الامر ، ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم ، فقالوا : فإن أبت مهاجرة قريش ؟ فقالوا نحن المهاجرون ، وصحابة رسول الله الأولون ، ونحن عشيرته ، وأولياؤه ، فعلام تنازعوننا هذا الامر بعده ؟ فقالت طائفة منهم : فإنا نقول إذا : منا أمير ومنكم أمير ، فقال سعد بن عبادة : هذا أول الوهن [1] . سمع أبو بكر وعمر بذلك ، فأسرعا إلى السقيفة مع أبي عبيدة بن الجراح وانحاز معهم أسيد بن حضير [2] وعويم بن ساعدة [3] وعاصم بن عدي [4] من بني العجلان [5] .
[1] الطبري في ذكره لحوادث سنة 11 ه ، ج 2 / 456 ط . أوربا ج 1 / 1838 عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، وابن الأثير 2 / 125 وتاريخ الخلفاء لابن قتيبة ج 1 / 5 قريب منه وأبو بكر الجوهري في كتابه السقيفة ج 2 من ابن أبي الحديد في خطبة " ومن كلام له في معنى الأنصار " . [2] ورد اسمه في سيرة ابن هشام 4 / 335 ، وأسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس ابن زيد بن عبد الأشهل بن الحرث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي ، شهد العقبة الثانية وكان ممن ثبت في أحد ، وشهد جميع مشاهد النبي وكان أبو بكر لا يقدم أحدا من الأنصار عليه . توفي سنة 20 أو 21 ه فحمل عمر نعشه بنفسه ، الاستيعاب ج 1 / 31 - 33 والإصابة ج 1 / 64 . [3] عويم بن ساعدة بن عائش بن قيس بن النعمان بن زيد بن أمية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي ، شهد العقبة وبدر وما بعدها ، وتوفي في خلافة عمر وبترجمته في النبلاء انه كان أخا الخليفة عمر . وقال عمر على قبره : " لا يستطيع أحد من أهل الأرض أن يقول : أنا خير من صاحب هذا القبر . " . الاستيعاب ج 3 / 170 والإصابة ج 3 / 45 وأسد الغابة ج 4 ص 158 . [4] عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة بن حرام البلوي العجلاني ، حليف الأنصار وكان سيد بني عجلان ، شهد أحدا وما بعدها ، توفي سنة 45 هجرية ، الاستيعاب ج 3 / 133 ، والإصابة ج 2 / 237 وأسد الغابة ج 3 / ص 75 . [5] ابن هشام 4 : 339 .