والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة [1] لولا حضور الحاضر [2] وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ، ولا سغب مظلوم [3] ، لألقيت حبلها على غاربها [4] ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز [5] . قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد [6] عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا ، فأقبل ينظر فيه ، قال له ابن عباس رضي الله عنهما : يا أمير المؤمنين ، لو اطردت خطبتك من حيث أفضيت . فقال : هيهات يا بن عباس ، تلك شقشقة [7] هدرت ثم قرت . قال ابن عباس : فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد . نسوا أو تناسوا كل هذه الأقوال من الإمام علي وتمسكوا بقول احتج به الإمام علي على معاوية لالتزام معاوية ونظرائه به . رابعا : مناقشة الاستدلال بان الخلافة تقام بالقهر والغلية من سبر التاريخ الاسلامي وجد أن حكم الخلافة إلى عهد الخلفاء العثمانيين
[1] النسمة - محركة - الروح ، وبرأها : خلقها . [2] من حضر لبيعته ، ولزوم البيعة لذمة الامام بحضوره . [3] والناصر : الجيش الذي يستعين به على إلزام الخارجين بالدخول في البيعة الصحيحة ، والكظة : ما يعتري الآكل من امتلاء البطن بالطعام ، والمراد استئثار الظالم بالحقوق . والسغب : شدة الجوع ، والمراد منه هضم حقوقه . [4] الغارب : الكاهل ، والكلام تمثيل للترك وإرسال الامر . [5] عفطة العنز : ما تنثره من أنفها ، تقول : عفطت تعفط من باب ضرب ، غير أن أكثر ما يستعمل ذلك في النعجة . والأشهر في العنز النفطة بالنون ، يقال : ماله عافط ولا نافط ، أي : نعجة ولا عنز ، كما يقال : ماله ثاغية ولا راغية . والعفطة الحبقة أيضا ، لكن الأليق بكلام أمير المؤمنين هو ما تقدم . [6] السواد : العراق ، وسمي سوادا لخضرته بالزرع والأشجار ، والعرب تسمى الأخضر أسود . قال الله تعالى " مدهامتان " يريد الخضرة ، كما هو ظاهر . [7] الشقشقة - بكسر فسكون فكسر - شئ كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج ، وصوت البعير بها عند إخراجها هدير ، ونسبة الهدير إليها نسبة إلى الآلة ، قال في القاموس : والخطبة الشقشقية العلوية ، وهي هذه .