نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 73
النقع [1] الذي أرى على وجهك أشد من مصابهما . وروي : أن صلة بن أشيم كان في مغزي له ، ومعه ابن له ، فقال لابنه : أي بني تقدم فقاتل حتى أحتسبك ، فحمل فقاتل فقتل ، ثم تقدم أبوه فقاتل فقتل ، قال : فاجتمع النساء عند أمه معاذة العدوية زوجة صلة ، فقالت لهن : مرحبا بكن إن كنتن ( جئتن لتهنئتي ) [2] وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن . وروي : أن عجوزا من بني بكر بن كلاب كان يتحدث قومها عن عقلها وسدادها ، فأخبر بعض من حضرها ، وقد مات ابن لها ، وكان واحدها ، وقد طالت علته ، وأحسنت تمريضه ، فلما مات قعدت بفنائك ، وحضرها قومها ، فأقبلت على شيخ منهم فقالت : يا فلان ، ما حق من أسبغت عليه النعمة ، وألبس العافية ، واعتدلت به النظرة ، أن لا يعجز عن التوثق لنفسه قبل حل عقدته والحلول بعقوته [3] ، ينزل الموت بداره ، فيحول بينه وبين نفسه ؟ ثم أنشأت تقول شعرا : هو ابني وأنسي أجره لي وعزني * على نفسه رب إليه ولاؤها فإن أحتسب أوجر وإن أبكه أكن * كباكية لم يغن شيئا بكاؤها فقال لها الشيخ : إننا لم نزل نسمع أن الجزع إنما هو للنساء ، فلا يجز عن أحد بعدك ، ولقد كرم صبرك ، وما أشبهت النساء فقالت له : إنه ما ميز امرؤ بن جزع وصبر ، إلا وجد بينهما منهجين بعيدي التفاوت في حالتيهما : أما الصبر : فحسن العلانية ، محمود العاقبة . وأما الجزع : فغير معرض شيئا مع إثمه . ولو كان في صورة رجلين ، لكان الصبر أولاهما بالغلبة ، وبحسن الصورة ، وكرم الطبيعة في عاجل الدين وآجله في الثواب ، وكفى بما وعد الله عز وجل لمن ألهمه إياه . وعن جويرية بن أسماء : أن ثلاثة أخوة شهدوا تستر ، واستشهدوا ، وبلغ ذلك أمهم ، فقالت : مقبلين أم مدبرين ؟ فقيل لها : بل مقبلين ، فقالت الحمد لله ، نالوا والله الفوز ، وحاطوا الذمار بنفسي هم وأبي وأمي ، وما تأوهت ، ولا دمعت لها عين .
[1] النقع : الغبار . ( الصحاح - نقع - 3 : 1292 ) . [2] في ( د ) : جئتني لتهنئنني . [3] في ( ح ) بعقوبته ، والصواب ما في المتن ، والعقوة : الساحة وما حول الدار . ( الصحاح - عقا - 6 : 2433 ) .
نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 73