نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 70
سبحان الله ! والله لقد كانا ميتين ، ولكن الله تعالى أحياهما ثوابا لصبري ) [1] . وقريب من هذا ما رويناه في ( دلائل النبوة ) عن أنس بن مالك ، قال : دخلنا على رجل من الأنصار وهو مريض ، فلم نبرح حتى قضى ، فبسطنا عليه ثوبا ، وأم له عجوز كبيرة عند رأسه ، فقلنا لها : يا هذه ، احتسبي مصيبتك على الله عز وجل ، فقالت : مات ابني ؟ قلنا : نعم ، قالت : حقا تقولون ؟ قلنا : نعم ، قال : فمدت يدها ، وقالت : اللهم إنك تعلم أني أسلمت لك ، وهاجرت إلى رسولك صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن تعينني عند كل شدة ورخاء ، فلا تحمل علي هذه المصيبة اليوم ، فكشف الثوب عن وجهه بيده ، ثم ما برحنا حتى طعمنا معه [2] . وهذا الدعاء من المرأة رحمها الله إدلال على الله ، واستئناس به يقع منه للمحبين كثيرا ، فيقبل دعاءهم ، وإن كان في التذكير بنحو ذلك ما يظهر منه قلة الأدب . لو وقع من غيرهم ، ولذلك بحث طويل وشواهد من الكتاب والسنة ، يخرج ذكره عن مناسبة المقام . ومن لطيف ما اتفق فيه مناجاة برخ الأسود الذي أمر الله تعالى كليمه موسى عليه السلام أن يسأله أن يسأله ليستسقي لبني إسرائيل بعد أن قحطوا سبع سنين ، وخرج موسى ليستسقي لهم في سبعين ألفا ، فأوحى الله إليه : ( كيف أستجيب لهم وقد أظلت عليهم ذنوبهم ، وسرائرهم خبيثة ، يدعونني على غير يقين ، ويأمنون مكري ! ارجع إلى عبد من عبادي ، يقال له : برخ ، يخرج حتى استجيب له ) . فسأل عنه موسى عليه السلام فلم يعرف ، فبينا موسى عليه السلام ذات يوم يمشي في طريق ، فإذا بعبد أسود بين عينيه تراب من أثر السجود ، في شملة قد عقدها على عنقه ، فعرفه موسى بنور الله تعالى فسلم عليه ، فقال : ما اسمك ؟ قال : اسمي برخ ، فقال : أنت طلبتنا منذ حين ، أخرج استسق لنا ، فخرج ، فقال في كلامه : اللهم ما هذا من فعالك ، وما هذا من حلمك ، وما الذي بدا لك ! أنقصت عليك عيونك ، أم عاندت الرياح عن طاعتك ، أم نفد ما عندك ! أم اشتد غضبك ، على المذنبين ألست كنت غفارا قبل خلق الخاطئين ؟ ! خلقت الرحمة ، وأمرت بالعطف ، أم ترينا أنك ممتنع ، أم
[1] أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82 : 150 . [2] دلائل النبوة 6 : 50 باختلاف في ألفاظه ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 151 .
نام کتاب : مسكن الفؤاد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 70