نام کتاب : مستطرفات السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 652
شئ منه بل ينظر في كل شئ منه نظر المستفتح المبتدي ، مطرحا للأهواء المزينة للباطل بزينة الحق ، وحب المنشي والتقليد ، فداؤهما لا يحسن علاجه جالينوس ، وتعظيم الكبراء وتقليد الأسلاف والأنس بما لا يعرف الإنسان غيره [1] يحتاج إلى علاج شديد ، وقد قال الخليل بن أحمد العروضي رحمه الله ، الإنسان لا يعرف خطأ معلمه [2] حتى يجالس غيره ، فالعاقل يكون غرضه الوصول إلى الحق من طريقه ، والظفر به من وجهه وتحقيقه ، ولا يكون غرضه نصرة الرجال ، فإن الذي ينحون هذا النحو ، قد خسروا ما ربحه المقلد من الراحة والدعة ، ولم يسلموا من هجنة التقليد ، وفقد الثقة بهم ، فهم لذلك أسوء حالا من المصرح بالتقليد ، وبئست الحال حال من أهمل دينه ، وشغل معظم دهره في نصرة غيره ، لا في طلب الحق ومعرفته ، ولا ينبغي لمن استدرك على من سلف ، وسبق إلى بعض الأشياء ، أن يرى لنفسه الفضل عليهم ، لأنهم إنما زلوا حيث زلوا ، لأجل أنهم كدوا أفكارهم ، وشغلوا زمانهم في غيره ، ثم صاروا إلى الشئ الذي زلوا فيه ، بقلوب قد كلت ، ونفوس قد سئمت ، وأوقات ضيقة ، ومن يأت بعدهم فقد استفاد منهم ما استخرجوه ، ووقف على ما أظهروه ، من غير كدورة كلفة [3] ، وحصلت [4] له ، بذلك رياضة ، واكتسب قوة ، فليس يعجب إذا صار إلى حيث زل فيه من تقدم ، وهو من موفور القوى [5] ، متسع الزمان ، لم يلحقه ملل ولا خامره ضجر أن يلحظ ما لم يلحظوه ، ويتأمل ما لم يتأملوه ، ولذلك زاد المتأخرون على المتقدمين ، ولهذا كثرت العلوم بكثرة الرجال ، واتصال الزمان ، وامتداد الآجال ، فربما لم يشبع القول المتقدم في المسألة [6] على ما أورد المتأخر [7] ، وإن
[1] ل . والتقليد لمن لا يعرف الأنس بما لا يعرف الإنسان غيره . [2] ط . والظفر من جهة تحقيقه . [3] ط . ل . من غير كد ولا كلفة . [4] ل . جعلت . [5] ل . وهو موفور القوى . [6] ل . لم يشبع المتقدم في الملة . [7] ل . المتأخرون .
نام کتاب : مستطرفات السرائر نویسنده : ابن إدريس الحلي جلد : 1 صفحه : 652