أن المستريح ، أحسن حالا من الطليح [1] ، ولا جرم أن المبطئين ، أقبح حالا من المسرعين ، فاستعدي للآخرة ، على قدر هول أرض الساهرة ، ولا تكوني ممن يعجز عن شكر ما أوتي ، ويبغي الزيادة فيما بقي ، وينهى الناس ولا ينتهي . يا نفس : ما المانع لك من المبادرة إلى صالح الأعمال ، وما الباعث لك على التسويف والاهمال ، وهل سببه إلا عجزك عن مخالفة شهوتك ، وضعفك عن مؤالفة أئمتك ؟ وهب أن الجهد في آخر العمر نافع ، وأنه مرق إلى أسعد المطالع ، فلعل اليوم آخر عمرك ، ونهاية دهرك . شعر : ولا ترج فعل الصالحات إلى غد * لعل غدا يأتي وأنت فقيد يا نفس : غالبي الشهوة قبل قوة طراوتها [2] ، فإنها إن قويت لم تقدري على مقاومتها ، ومثل ذلك : أن الشهوة كالشجرة النابتة ، والصخرة الثابتة ، التي تعبد العبد بقلعها أو أمر [3] بنزعها ، فمن ترك قلعها وعجز عن نزعها ، كان كمن
[1] قال الجوهري في الصحاح 1 : 388 طلح : وطلح البعير : أعيى ، فهو طليح . . . وناقة طليح أسفار : إذا جهدها السير وهزلها . [2] قال الجوهري في الصحاح 6 : 2412 طرا : شئ طري أي : غض بين الطراوة . وفي أ : ضراوتها ، وفي ب : ضر أوقاتها ، وما أثبتناه من ج ، د ، وهو الأنسب . [3] في أ : وأمر .