شعر : احذري الغيبة فهي الفسق لا رخصة فيه * إنما المغتاب كالآكل من لحم أخيه وهي تأكل الأجر والثواب ، كما تأكل النار يابس الأحطاب ، بل هي أحرق من النار في الحليج [1] ، وأضر من الثلج بالمفاليج . يا نفس : الطاعة مع عدم الإيمان لا ترفع ، والعلم بغير العمل لا ينفع ، ومثاله : مريض عظم داؤه ، وعز شفاؤه ، فأعلمه طبيب حاذق ، بدواء موافق ، وفصل له أخلاطه ، ومقاديره [2] وأشراطه ، فكتبه المريض بنسخة مليحة ، وقرأه قراءة صحيحة ، غير أنه مال إلى إهماله ، ولم يشتغل بشربه واستعماله ، [ أفترين ] علمه به من غير عمل يداويه ، ومن شدة مرضه يشفيه ؟ هيهات لو كتب منه ألف نسخة في ألف قرطاس ، وعلمه كافة الناس ، لم يشف من مرضه ، ولم ينل شيئا من غرضه ، دون أن يشتري الدواء ، ويقدم الاحتماء ، ثم يشربه في وقته وأوانه ، بعد خلط أخلاطه وصحة أوزانه .
[1] وهو : القطن المندوف . اللسان 2 : 239 حلج . [2] في أ ، ب : وتقاديره .