قال : فقلت للحسن : أفبايع الناس كلهم على هذا ؟ قال : لا ، إنما بايع من أمن ووثق به على هذا . يا أخا عبد القيس ، ولئن جاز لنا أن نستغفر لعثمان وقد ركب ما ركب من الكبائر والأمور القبيحة ، إنه ليجوز لنا أن نستغفر لهما وقد عوفيا من الدماء وعفا في ولايتهما وكفا وأحسنا السيرة ، ولم يعملا بمثل عمل عثمان من الجور والتخليط ، ولا بمثل ما عمله طلحة والزبير من نكثهما البيعة وما سفكا من الدماء إرادة الدنيا والملك ، وقد سمعا رسول الله صلى الله عليه وآله ينهى عما ركبا وعما أتيا فتركا أمر الله وأمر رسوله بعد الحجة والبينة استخفافا بأمر الله وأمر رسوله . ولئن قلت يا أخا عبد القيس : ( إن أبا بكر وعمر قد سمعا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام ) ، فلقد سمع ذلك عثمان وطلحة والزبير ثم ركبوا ما ركبوا من الحرب وسفك الدماء وعوفيا من ذلك أبو بكر وعمر أول من أسس الضلالة في الأمة ولئن قلت : ( إنهما أول من فتح ذلك وسنه وأدخلا الفتنة والبلاء على الأمة بانتزائهما على ما قد علما يقينا أنه لا حق لهما فيه وأن الله جعله لغيرهما ، وأنهما سلما على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ، ثم قالا للنبي صلى الله عليه وآله حين أمرهما بالتسليم عليه : أمن الله ومن رسوله ؟ قال : نعم ، من الله ومن رسوله ) ، إن في ذلك لمقالا . [1] لقد قال لي أبو ذر - حين حدثني بتسليمهما على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ، هو والمقداد وسلمان - : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( ما ولت أمة قط أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا ) .