أولى به من نفسه ، وأنه خليفته فيهم ووصيه ، وأن من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى الله ومن والاه والى الله ومن عاداه عادى الله . فأنكروه وجهلوه وتولوا غيره . رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض بانتخاب الناس في الخلافة يا معاوية [1] ، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله حين بعث إلى مؤتة أمر عليهم جعفر بن أبي طالب ، ثم قال : ( إن هلك جعفر بن أبي طالب فزيد بن حارثة ، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة ) ، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم ، أفكان يترك أمته لا يبين لهم خليفته فيهم ؟ بلى والله ، ما تركهم في عمياء ولا شبهة ، بل ركب القوم ما ركبوا بعد البينة وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فهلكوا وهلك من شايعهم وضلوا وضل من تابعهم ، فبعدا للقوم الظالمين . فقال معاوية : يا بن عباس ، إنك لتتفوه بعظيم ، والاجتماع عندنا خير من الاختلاف ، وقد علمت أن الأمة لم تستقم على صاحبك .
[1] . من هنا إلى قوله : ( شهادة أن لا إله إلا الله . . . ) في ( ج ) هكذا : وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله جعفرا إلى مؤتة فقال : ( وليت عليكم جعفرا ، إن هلك جعفر بن أبي طالب فزيد بن حارثة ، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة ) ، فقتلوا جميعا . ثم يترك أمته لا يبين لهم من خلفائه من بعده ؟ يأمرهم باتباع خيرهم وأعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه ويتركهم يختارون لأنفسهم ؟ إذا لكان رأيهم لأنفسهم أهدى لهم وأرشد من رأيه واختياره لهم وما ركب القوم ما ركبوا إلا بعد البينة والحجة ، وما تركهم رسول الله صلى الله عليه وآله في عمياء ولا شبهة . وإنما هلك أولئك الأربعة الذين تظاهروا على علي عليه السلام وكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : ( لم يكن الله ليجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة ) ، فشبهوا على الناس بشهادتهم وكذبهم . فقال معاوية : ما تقول يا حسن ؟ فقال عليه السلام : يا معاوية ، قد سمعت ما قال ابن جعفر وما قال ابن عباس . والعجب منك يا معاوية ومن قلة حيائك وجرأتك على الله أن تقول : ( قد قتل الله طاغيتكم ورد الأمر إلى معدنه ) فأنت يا معاوية معدن الخلافة دوننا ؟ الويل لك ولثلاثة قبلك الذين أجلسوك هذا المجلس وسنوا لك هذه السنة . لأقولن لك قولا ما أريد بذلك إلا أن يسمعه هؤلاء الذين حولي : إن الناس قد اجتمعوا على أشياء كثيرة وليس بينهم فيها اختلاف . اجتمعوا على شهادة أن لا إله إلا الله . . . .