فأعطاني الله ما منعت . وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس ، فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجوه ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف ، وقد والله رقت الأكباد وذهبت الرجال . ونحن بنو عبد مناف ، وليس لبعضنا على بعض فضل يستذل به عزيز ولا يسترق به ذليل ، والسلام ) . جواب أمير المؤمنين عليه السلام لكتاب معاوية قال سليم : فلما قرأ علي عليه السلام كتابه ضحك وقال : العجب من معاوية وخديعته لي فدعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له : أكتب : أما بعد ، فقد جائني كتابك تذكر فيه ( أنك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك إلى ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض ) ، وإنا وإياك - يا معاوية - على غاية منها لم نبلغها بعد . وأما طلبك الشام ، فإني لم أعطك اليوم ما منعتك أمس . وأما استواؤنا في الخوف والرجاء ، فإنك لست بأمضى على الشك مني على اليقين ، وليس أهل الشام أحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة . وأما قولك ( إنا بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض ) ، فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا الطليق كالمهاجر ولا المنافق كالمؤمن والمبطل كالمحق . في أيدينا فضل النبوة التي ملكنا بها العرب واستعبدنا بها العجم ، والسلام ) . شماتة عمرو بن العاص بمعاوية قال : فلما انتهى كتاب علي عليه السلام إلى معاوية كتمه عن عمرو ، ثم دعاه فأقرأه . فشمت به عمرو ، وقد كان نهاه . ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيما لعلي عليه السلام من عمرو بعد اليوم الذي صرعه عن دابته . فقال عمرو :