وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغوا فيكم ما قد بلغوا . وأنا غاد عليهم بالغداة إن شاء الله ومحاكمهم إلى الله ) . رفع المصاحف فبلغ ذلك معاوية ففزع فزعا شديدا وانكسر هو وجميع أصحابه وأهل الشام لذلك . فدعا عمرو بن العاص فقال : يا عمرو ، إنما هي الليلة حتى يغدو علينا ، فما ترى ؟ قال : أرى الرجال قد قلوا ، وما بقي فلا يقومون لرجاله ولست مثله ، وإنما يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره : أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء . وليس يخاف أهل الشام عليا إن ظفر بهم ما يخاف أهل العراق إن ظفرت بهم . ولكن ألق إليهم أمرا إن ردوه اختلفوا وإن قبلوه اختلفوا دعهم إلى كتاب الله وارفع المصاحف على رؤوس الرماح ، فإنك بالغ حاجتك فإني لم أزل أدخرها لك . كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه السلام خديعة فعرفها معاوية وقال : صدقت ، ولكن قد رأيت رأيا أخدع به عليا : ( طلبي إليه الشام على الموادعة ) ، وهو الشئ الأول الذي ردني عنه . فضحك عمرو وقال : أين أنت يا معاوية من خديعة علي ؟ وإن شئت أن تكتب فاكتب . قال : فكتب معاوية إلى علي عليه السلام كتابا مع رجل من أهل السكاسك يقال له ( عبد الله بن عقبة ) : ( أما بعد ، فإنك لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمناه نحن ، لم يجنها بعضنا على بعض . وإن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي منها ما نرم به [1] ما مضى ونصلح ما بقي . وقد كنت سألتك الشام على أن لا تلزمني لك طاعة ولا بيعة ، فأبيت ذلك علي