فقرأ كل قاض وأمير من ولاته كتابه على الناس ، وأخذ الناس في الروايات في أبي بكر وعمر وفي مناقبهم . أمر معاوية بتعليم المناقب الكاذبة للأطفال والنساء ثم كتب نسخة جمع فيها جميع ما روي فيهم من المناقب والفضائل ، وأنفذها إلى عماله وأمرهم بقرائتها على المنابر وفي كل كورة وفي كل مسجد . وأمرهم أن ينفذوا إلى معلمي الكتاتيب أن يعلموها صبيانهم حتى يرووها ويتعلموها كما يتعلمون القرآن [1] وحتى علموها بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم . فلبثوا بذلك ما شاء الله . [2] برنامج معاوية لإبادة الشيعة ثم كتب معاوية إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : ( انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته ، فامحوه من الديوان ولا تجيزوا له شهادة ) . ثم كتب كتابا آخر : ( من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة أنه منهم فاقتلوه ) . فقتلوهم على التهم والظن والشبه تحت كل كوكب ، حتى لقد كان الرجل يغلط بكلمة فيضرب عنقه . ولم يكن ذلك البلاء في بلد أكبر ولا أشد منه بالعراق ولا سيما بالكوفة ، حتى أنه كان الرجل من شيعة علي عليه السلام - وممن بقي من أصحابه بالمدينة وغيرها - ليأتيه من يثق به فيدخل بيته ، ثم يلقي إليه سره فيخاف من خادمه ومملوكه ، فلا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان المغلظة ليكتمه عليه .
[1] . راجع عن المناقب المفتعلة بشأن أبي بكر وعمر وعثمان : الحديث 10 من هذا الكتاب . [2] . زاد هنا في الإحتجاج : وكتب زياد بن أبيه إليه في حق الحضرميين : ( أنهم على دين علي وعلى رأيه ) . فكتب إليه معاوية : ( اقتل كل من كان على دين علي ورأيه ) ، فقتلهم ومثل بهم . روي في البحار : ج 44 ص 212 من جملة ما كتبه الإمام الحسين عليه السلام إلى معاوية جوابا لرسالته : ( . . . أولست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه ، فكتبت إليه أن اقتل كل من كان على دين علي ، فقتلهم ومثل بهم بأمرك ) .