ثم صنع عمر شيئا ثالثا . لم يدعهم على ما ادعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف ولا استخلف كما استخلف أبو بكر ، وجاء بشئ ثالث وجعلها شورى بين ستة نفر وأخرج منها جميع العرب . ثم حظى بذلك عند العامة ، فجعلهم مع ما أشربت قلوبهم من الفتنة والضلالة أقراني ثم بايع ابن عوف عثمان فبايعوه ، وقد سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله في عثمان ما قد سمعوا من لعنه إياه في غير موطن . [1] أبو بكر وعمر أسوء حالا من عثمان فعثمان على ما كان عليه خير منهما . ولقد قال منذ أيام قولا رققت له وأعجبتني مقالته . بينما أنا قاعد عنده في بيته إذ أتته عائشة وحفصة تطلبان ميراثهما من ضياع رسول الله صلى الله عليه وآله وأمواله التي بيده ، فقال : ( لا والله ولا كرامة لكما ولا نعمت عنه ولكن أجيز شهادتكما على أنفسكما . فإنكما شهدتما عند أبويكما أنكما سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : ( النبي لا يورث ، ما ترك فهو صدقة ) . ثم لقنتما أعرابيا جلفا يبول على عقبيه ويتطهر ببوله ( مالك بن أوس بن الحدثان ) فشهد معكما ، ولم يكن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من المهاجرين ولا من الأنصار أحد شهد بذلك غيركما وغير أعرابي . أما والله ، ما أشك أنه قد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وكذبتما عليه معه . ولكني أجيز شهادتكما على أنفسكما فاذهبا فلا حق لكما . فانصرفتا من عنده تلعنانه وتشتمانه . فقال : ارجعا ، أليس قد شهدتما بذلك عند أبي بكر ؟ قالتا : نعم . قال : فإن شهدتما بحق فلا حق لكما ، وإن كنتما شهدتما بباطل فعليكما وعلى من أجاز شهادتكما على أهل هذا البيت لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . قال عليه السلام : ثم نظر إلي فتبسم ثم قال : يا أبا الحسن ، أشفيتك منهما ؟ قلت : نعم ، والله
[1] . راجع عن لعن عثمان : الحديث 4 من هذا الكتاب .