وكيف رأيتنا يوم النهروان ، إذ لقيت المارقين وهم مستمسكون يومئذ بدين الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؟ فقتلهم الله بأيدينا في صعيد واحد إلى النار لم يبق منهم عشرة ولم يقتلوا من المؤمنين عشرة . ويلك يا بن قيس ، هل رأيت لي لواء رد أو راية ردت ؟ إياي تعير يا بن قيس ؟ وأنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع مواطنه ومشاهده والمتقدم إلى الشدائد بين يديه ، لا أفر ولا أزول ولا أعيى ولا أنحاز ولا أمنح العدو دبري ، لأنه لا ينبغي للنبي ولا للوصي إذا لبس لامته وقصد لعدوه أن يرجع أو ينثني حتى يقتل أو يفتح الله له . لو وجدت أربعين رجلا مثل الأربعة يا بن قيس ، هل سمعت لي بفرار قط أو نبوة ؟ يا بن قيس ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، إني لو وجدت يوم بويع أخو تيم - الذي عيرتني بدخولي في بيعته - أربعين رجلا كلهم على مثل بصيرة الأربعة الذين قد وجدت لما كففت يدي ولناهضت القوم ، ولكن لم أجد خامسا فأمسكت . قال الأشعث : فمن الأربعة ، يا أمير المؤمنين ؟ قال عليه السلام : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير بن صفية قبل نكثه بيعتي ، فإنه بايعني مرتين : أما بيعته الأولى التي وفى بها فإنه لما بويع أبو بكر أتاني أربعون رجلا من المهاجرين والأنصار فبايعوني وفيهم الزبير ، فأمرتهم أن يصبحوا عند بابي محلقين رؤوسهم عليهم السلاح ، فما وفى لي ولا صدقني منهم أحد غير أربعة : سلمان وأبو ذر والمقداد والزبير . وأما بيعته الأخرى إياي ، فإنه أتاني هو وصاحبه طلحة بعد ما قتل عثمان فبايعاني طائعين غير مكرهين ، ثم رجعا عن دينهما مرتدين ناكثين مكابرين معاندين