عثمان أعان على قتل نفسه ويلك يا بن قيس ، إن عثمان لا يعدو أن يكون أحد رجلين : إما أن يكون دعا الناس إلى نصرته فلم ينصروه ، وإما أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته ، فلم يكن يحل له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا ولم يؤو محدثا . وبئس ما صنع حين نهاهم وبئس ما صنعوا حين أطاعوه وإما أن يكون جوره وسوء سريرته قضى أنهم لم يروه أهلا لنصرته لجوره وحكمه بخلاف الكتاب والسنة . وقد كان مع عثمان - من أهل بيته ومواليه وأصحابه - أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولو شاء أن يمتنع بهم لفعل . فلم نهاهم عن نصرته ؟ ولو كنت وجدت يوم بويع أخو تيم تتمة أربعين رجلا مطيعين لي لجاهدتهم ، وأما يوم بويع عمر وعثمان فلا ، لأني قد كنت بايعت ومثلي لا ينكث بيعته . مواقف أمير المؤمنين عليه السلام في الحروب ويلك يا بن قيس ، كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان إذ وجدت أعوانا ؟ هل رأيت مني فشلا أو تأخرا أو جبنا أو تقصيرا في وقعتي يوم البصرة وهم حول جملهم . الملعون من معه ، الملعون من قتل حوله ، الملعون من رجع بعده لا تائبا ولا مستغفرا ، فإنهم قتلوا أنصاري ونكثوا بيعتي ومثلوا بعاملي وبغوا علي . وسرت إليهم في اثني عشر ألفا وهم نيف على عشرين ومائة ألف ، فنصرني الله عليهم وقتلهم بأيدينا وشفى صدور قوم مؤمنين . وكيف رأيت - يا بن قيس - وقعتنا بصفين وما قتل الله منهم بأيدينا خمسين ألفا في صعيد واحد إلى النار .