أن تنزل عن منبرك : ( والله إني لأولى الناس بالناس وما زلت مظلوما منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله ) . فما منعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك ؟ فقال له علي عليه السلام : يا بن قيس ، قلت فاسمع الجواب : لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية للقاء ربي ، وأن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها ، ولكن منعني من ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وعهده إلي . أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بما الأمة صانعة بي بعده ، فلم أك بما صنعوا - حين عاينته - بأعلم مني ولا أشد يقينا مني به قبل ذلك ، بل أنا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله أشد يقينا مني بما عاينت وشهدت . فقلت : يا رسول الله ، فما تعهد إلي إذا كان ذلك ؟ قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم وجاهدهم ، وإن لم تجد أعوانا فاكفف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعوانا . وأخبرني صلى الله عليه وآله أن الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري . وأخبرني صلى الله عليه وآله أني منه بمنزلة هارون من موسى ، وأن الأمة سيصيرون من بعده بمنزلة هارون ومن تبعه والعجل ومن تبعه ، إذ قال له موسى : ( يا هارون ، ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) ، وقال : ( يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) . [1] وإنما يعني : إن موسى أمر هارون - حين استخلفه عليهم - إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم ، وإن لم يجد أعوانا أن يكف يده ويحقن دمه ولا يفرق بينهم . وإني خشيت أن يقول لي ذلك أخي رسول الله صلى الله عليه وآله : ( لم فرقت بين الأمة ولم ترقب قولي وقد عهدت إليك إن لم تجد أعوانا أن تكف يدك وتحقن دمك ودم أهل بيتك وشيعتك ) ؟