مرض أبو ذر رضي الله عنه مرضا شديدا حتى أشرف على الموت ، فأوصى إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقيل له : لو أوصيت إلى عمر بن الخطاب كان أجمل لوصيتك من علي ، فقال أبو ذر : أوصيت والله إلى أمير المؤمنين حقا حقا ، وانه لربى الأرض الذي يسكن إليها ويسكن إليه ، ولو قد فارقتموه لأنكرتم الأرض ومن عليها [1] . وعن الحافظ ابن مردويه ، عن رجاله ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الجنة مشتاقة [2] إلى أربعة من أمتي ، فهبت أن أسأله من هم ؟ فأتيت أبا بكر ، فقلت : ان النبي صلى الله عليه وآله قال : ان الجنة مشتاقة إلى أربعة من أمتي ، فاسأله من هم ؟ فقال : أخاف أن لا أكون منهم ، فتعيرني به بنو تيم ، فأتيت عمر ، فقلت له مثل ذلك ، فقال : أخاف أن لا أكون منهم ، فتعيرني به بنو عدي ، فأتيت عثمان ، فقلت له مثل ذلك ، فقال : أخاف أن لا أكون منهم ، فتعيرني به بنو أمية . فأتيت عليا وهو في ناضح [3] له ، فقلت له : ان النبي صلى الله عليه وآله قال : ان الجنة مشتاقة إلى أربعة من أمتي ، فاسأله من هم ؟ فقال : والله لأسألنه ، فان كنت منهم حمدت الله عز وجل ، وان لم أكن منهم لأسألن الله أن يجعلني منهم وأودهم . فجاء وجئت معه إلى النبي صلى الله عليه وآله ، فدخلنا على النبي صلى الله عليه وآله ورأسه في حجر دحية الكلبي ، فلما رآه دحية قام إليه وسلم عليه ، وقال : خذ رأس ابن عمك يا أمير المؤمنين ، فأنت أحق به ، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وآله ورأسه في حجر علي عليه السلام ، فقال له : يا أبا الحسن ما جئتنا الا في حاجة ، قال : بأبي وأمي يا رسول الله ، دخلت ورأسك في حجر دحية الكلبي ، فقام إلي وسلم علي ، وقال : خذ برأس ابن عمك إليك ، فأنت أحق به مني يا أمير المؤمنين ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله : فهل عرفته ؟ فقال : هو دحية
[1] كشف الغمة 1 : 344 عنه ، واليقين ص 17 ب 14 . [2] في الكشف : تشتاق ، وكذا بعده . [3] الناضح : البعير يستقى عليه ، ثم استعمل في كل بعير وان لم يحمل الماء .