هذا النبي على من ناواه ، وإذا توفاه الله اختلف أمته من بعده ، ثم يلبثون بذلك ما شاء الله . ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا النهر ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، يقضي بالحق ، ولا يرتشي في الحكم ، الدنيا أهون عليه من شربة ماء على الظمآن ، يخاف الله في السر ، وينصح في العلانية ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، فمن أدرك ذلك النبي فليؤمن به ، فمن آمن به كان له رضوان الله والجنة ، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره ، فإنه وصي خاتم الأنبياء ، والقتل معه شهادة . ثم أقبل هذا الراهب إلى علي عليه السلام ، وقال : اني مصاحبك لا أفارقك أبدا حتى يصيبني ما أصابك ، قال : فبكى علي عليه السلام ، ثم قال : الحمد لله الذي ذكر عبده في كتاب الأبرار . ثم قال : سار علي عليه السلام وهذا الراهب معه ، وكان يتغذى ويتعشى مع علي عليه السلام ، حتى صار إلى صفين ، وقاتل فقتل رحمه الله ، فقال علي عليه السلام لأصحابه : اطلبوه ، فطلبوه فوجدوه ، فصلى عليه واستغفر له ، وقال : هذا منا أهل البيت [1] . وفيه أيضا حكاية طويلة مشتملة على صنوف الفصاحة والبلاغة ، متضمنة لمثالب بني أمية عن شيخ من الفصحاء يخاطب فيها عبد الملك بن مروان ، فمن جملة ما ذكره في ذم معاوية أنه قال : فعادى النبي صلى الله عليه وآله وقاتل الوصي [2] . وفيه أيضا : عن هاشم المرقال صاحب راية أمير المؤمنين عليه السلام في صفين ، رجز من جملته هذا : ذاك الوصي بالهدى استقبلا * أول من صدقه وصلى انتهى ما أردنا نقله عن كتاب أعثم .
[1] كتاب الفتوح المعروف بتاريخ ابن عثم الكوفي 2 : 555 ط بيروت . [2] تاريخ ابن أعثم الكوفي 2 : 563 .