فقال عليه السلام : أتعلم أنك تعمل بكتاب الله ولست ممن ورثه ، وأنك قياس وأول من قاس إبليس ، ولم يبن دين الاسلام على القياس ، وأنك صاحب رأي ، وخص الله نبية بالرأي في قوله ( فاحكم بينهم بما أراك الله ) [1] فكان رأيه صوابا ومن دونه خطأ ، ومن أنزلت عليه الحدود أولى منك بعلمها ، وأعلم منك بمباعث الأنبياء ، ولخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك ، ولولا أن يقال دخل أبو حنيفة على جعفر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يسأله عن شئ لما سألتك ، فقس ان كنت مقيسا ، فقال : والله لا تكلمت به بعدها ، فقال عليه السلام : كلا ان حب الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك [2] . انتهى كلامه عليه السلام . ونقل [3] أنه أتاه رجل من الشرق بكتاب سمعه منه ، فرجع عنه ، فنادى : عام أول أفتاني بهذا ، فأهرقت به الدماء وأبحت به النساء ، قال أبو حنيفة : هذا رأي رجعت عنه ، قال : أفيجوز أن ترى من قابل غيره أيضا ؟ قال : لا أدري ، قال : لكني أدري ان من أخذ عنك فهو ضال . قال الغزالي : أجاز أبو حنيفة وضع الحديث على وفق مذهبه . قال يوسف بن أسباط : قال أبو حنيفة : لو أدركني رسول الله لأخذ بكثير من أقوالي . قال الحكم بن هشام قلت لأبي حنيفة : ما تقول هو الحق بعينه ؟ قال : ما أدري ، ولعله الباطل بعينه .
[1] اقتباس من قوله تعالى انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ) النساء : 105 . [2] الإحتجاج للطبرسي 2 : 267 - 271 ، وعلل الشرايع ص 89 ، والبحار 2 : 287 ، والصراط المستقيم 3 : 211 - 212 . [3] ما نقله هاهنا فهو منقول عن كتاب الصراط المستقيم 3 : 213 - 217 .