بساحته ليلي الخلافة . فان قلت : أليس هو الذي طلق الدنيا ، فأين هذا القول من طلاقها ؟ قلت : انه طلق أن ينال منها حظا دنيويا ، ولم يطلقها أن ينهى فيها عن المنكرات التي أمره تعالى بالنهي عنها ، ويقيم فيها الدين الذي أمره بإقامته ، ولا سبيل له إلى النهي عن المنكرات والأمر بالمعروف الا بولاية الخلافة . فان قلت أيجوز على مذهب المعتزلة أن يقال : انه عليه السلام كان ينتظر قتل عثمان انتظار المجدب المطر ؟ وهل هذا الا محض مذهب الشيعة ؟ قلت : انه عليه السلام لم يقل وانتظرنا قتله ، وإنما انتظر الغير ، فيجوز أن يكون أراد انتظار خلعه وعزله عن الخلافة ، فان عليا عليه السلام كان يذهب إلى أن عثمان استحق الخلع بأحداثه ولم يستحق القتل ، وهذا الكلام إذا حمل على انتظار الخلع كان موافقا لمذهب أصحابنا . فان قلت : أتقول المعتزلة : ان عليا عليه السلام كان يذهب إلى فسق عثمان المستوجب لأجله الخلع ؟ قلت : كلا ، حاش لله أن تقول المعتزلة ذلك ، وإنما تقول : ان عليا عليه السلام كان يرى أن عثمان يضعف عن تدبير الخلافة ، وأن أهله غلبوا عليه ، واستبدوا بالأمر دونه ، واستعجزه المسلمون واستسقطوا رأيه ، فصار حكمه حكم الامام إذا عمي أو أسره العدو ، فإنه ينخلع عن الإمامة [1] . انتهى كلامه . أقول : ما ذكره الشارح في تأويل كلام أمير المؤمنين عليه السلام مع مخالفته لما نقلنا عنه آنفا من أن عثمان كان مباح الدم على رأي أمير المؤمنين عليه السلام غير موجه ، لأن كلامه عليه السلام ظاهر في الشماتة ، واظهار السرور والشكر ، فلو لم يكن عثمان كافرا أو