ووجه الدلالة أن قوله ( كل هذا قد عرفنا ) بمنزلة قولهم : تجاوزنا وسلمنا كل هذا الكتاب ، ونسبة التكليف ورفض العصا شاهد به . ومما يؤيده أيضا ما تقدم في الفاتحة في مقام ذكر المنافقين ، ما نقله الغزالي في الاحياء أن عمر قال لحذيفة عارف المنافقين : هل أنا من المنافقين أم لا ؟ [1] وهذا الكلام لا يصدر الا عن الشاك في ايمانه ، والمتيقن نفاقه ، لأجل أن يتعرف أن حذيفة يكتم عليه أم لا ، وقد ذكرنا هناك عدة قرائن دالة على نفاق عمر وأبي بكر . ومما يؤيد ما قلناه أيضا ما سيجئ من كلماته عند الموت . ومن جملة فسوق عمر : انكاره على النبي صلى الله عليه وآله ، روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين في الحديث الرابع والثلاثين من مسند عائشة من المتفق على صحته ، من حديث عروة عنها ، قالت : اعتم رسول الله بالعشاء حتى ناداه عمر للصلاة ، فقال : نام الناس والصبيان ، فخرج . وفي رواية ابن شهاب : ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما كان لكم أن تنزروا رسول الله على الصلاة ، وذلك حين صاح عمر بن الخطاب [2] . انظر إلى شهادات المخالفين في حق امامهم ، فتعجب من عقولهم ، كيف يجوز العاقل امامة رجل لا يستحيي من الله ورسوله ، ولا ينزجر من نواهي الله ، قال الله عز وجل في كتابه العزيز : ( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ) [3] وقال تعالى : ( ان الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون * ولو أنهم صبروا حتى
[1] الصراط المستقيم 3 : 28 عن الاحياء . [2] الطرائف ص 442 عنه ، وصحيح مسلم 1 : 441 . [3] الحجرات : 2 .