ومن المعلوم أن التلميذ إذا كان في غاية الذكاء والحرص على التعليم ، وكان الأستاذ في غاية الفضل وفي غاية الحرص على التعليم ، ثم اتفق لمثل هذا التلميذ أن يتصل بخدمة هذا الأستاذ في زمان الصغر ، كان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا في كل الأوقات ، فإنه يبلغ ذلك التلميذ مبلغا عظيما ، وهذا بيان اجمالي في أن عليا عليه السلام كان أعلم الصحابة . فأما أبو بكر فإنه اتصل بخدمته عليه السلام في زمان الكبر ، وأيضا ما يصل إلى خدمته في اليوم والليلة الا مرة واحدة زمانا يسيرا ، وأما علي عليه السلام فإنه اتصل بخدمته عليه السلام في زمان الصغر ، وقد قيل : العلم في الصغر كالنقش في الحجر ، والعلم في الكبير كالنقش في المدر ، فثبت بما ذكرنا أن عليا عليه السلام كان أعلم من أبي بكر . وأما التفصيل ، فيدل عليه وجوه : الأول : قوله ( تعالى وتعيها اذن واعية ) [1] نزل في حق علي عليه السلام ، وتخصيصه بزيادة الفهم يدل على اختصاصه بمزيد العلم . الثاني : قوله عليه السلام ( أقضاكم علي ) والقضاء يحتاج إلى جميع أنواع العلوم ، فلما رجحه على الكل في القضاء ، لزم أنه رجحه عليهم في كل العلوم . وأما سائر الصحابة ، فقد رجح كل واحد منهم على غيره في علم واحد ، كقوله ( أفرضكم زيد ، وأقرأكم أبي ) . الثالث : روي أن عمر أمر برجم امرأة ولدت لستة أشهر ، فنبهه علي عليه السلام بقوله تعالى ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [2] مع قوله الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين [3] على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، فقال عمر : لولا علي لهلك