يخالفه في ذلك الا الأقلون ، وقد قال هو عليه السلام : أنا الصديق الأكبر ، وأنا الفاروق الأعظم ، أسلمت قبل اسلام الناس ، وصليت قبل صلاتهم . ومن وقف على كتب أصحاب الحديث تحقق وعلمه واضحا ، واليه ذهب الواقدي ، وابن جرير الطبري ، وهو القول الذي رجحه ونصره صاحب كتاب الاستيعاب . ولأنا نذكر في مقدمة هذا الكتاب جملا من فضائله عنت بالعرض لا بالقصد ، وجب أن نختصر ونقتصر ، فلو أردنا شرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا بل يزيد عليه ، وبالله التوفيق ( 2 ) . انتهى كلامه . وقد ذكر امام أهل السنة محمد بن عمر الرازي ، وهو من أعظم علماء الأشعرية ، في كتاب الأربعين في الفصل الخامس من المسألة التاسعة والثلاثين ، في بيان أفضل الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويورد عشرين حجة في أن علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله . ويقول في الحجة الثالثة منها ما هذا لفظه : الحجة الثالثة : أن علي بن أبي طالب كان أعلم الصحابة ، والأعلم أفضل ، وإنما قلنا إن عليا كان أفضل الصحابة للاجمال والتفصيل . أما الاجمال ، فهو أنه لا نزاع أن عليا عليه السلام كان في أصل الخلقة في غاية الذكاء والفطنة والاستعداد للعلم ، وكان محمد صلى الله عليه وآله أفضل الفضلاء وأعلم العلماء ، وكان علي عليه السلام في غاية الحرص في طلب العلم ، وكان محمد صلى الله عليه وآله في غاية الحرص في تربية علي وارشاده إلى اكتساب الفضائل ، ثم إن عليا عليه السلام نشأ من أول صغره في حجر محمد صلى الله عليه وآله ، وفي كبره صار ختنا له ، وكان يدخل إليه في كل الأوقات .
( 1 ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 16 - 30 .