رهطهم بأنه عليه السلام قتلهم أظهر وأكثر ، قالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه : لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته أبدا ما دمت في الأبد لكن قاتله من لا نظير له * وكان يدعى أبوه بيضة البلد وانتبه يوما معاوية ، فرأى عبد الله بن الزبير جالسا تحت رجليه على سريره ، فقعد ، فقال له عبد الله يداعبه : يا أمير المؤمنين لو شئت أن أفتك بك لفعلت ، فقال : لقد شجعت بعدنا يا أبا بكر ، قال : وما الذي تنكره من شجاعتي وقد وقفت في الصف إزاء علي بن أبي طالب ، قال : لا جرم انه قتلك وأباك بيسرى يديه ، وبقيت اليمنى فارغة يطلب من يقتله بها . وجملة الأمر أن كل شجاع في الدنيا إليه ينتهي ، وباسمه ينادي في مشارق الأرض ومغاربها . وأما القوة والأيد ، فبه يضرب المثل فيهما ، قال ابن قتيبة في المعارف : ما صارع أحدا قط الا صرعه [1] . وهو الذي قلع باب خيبر ، واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه . وهو الذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة وكان عظيما جدا وألقاه إلى الأرض ، وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خلافته عليه السلام بيده بعد عجز الجيش كله عنها ، وأنبط الماء من تحتها . وأما السخاء والجود ، فحاله فيه ظاهرة ، وكان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده ، وفيه انزل ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) [2] . وروى المفسرون أنه لم يكن يملك الا أربعة دراهم ، فتصدق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرا ، وبدرهم علانية ، فأنزل الله فيه ( الذين ينفقون