حال ابن عباس في ملازمته له ، وانقطاعه إليه ، وأنه تلميذه وخريجه ، وقيل له : أين علمك من علم ابن عمك ؟ فقال : كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط . ومن العلوم : علم الطريقة والحقيقة ، وأحوال التصوف ، وقد عرفت أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الاسلام إليه ينتهون ، وعنده يقفون ، وقد صرح بذلك الشبلي ، والجنيد ، وسري ، وأبو يزيد البسطامي ، وأبو محفوظ معروف الكرخي وغيرهم ، ويكفيك دلالة على ذلك الخرقة التي هي شعارهم إلى اليوم ، وكونهم يسندونها باسناد متصل إليه عليه السلام . ومن العلوم : علم النحو والعربية ، وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه ، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامعه وأصوله ، من جملتها : الكلام كله ثلاثة أشياء : اسم ، وفعل ، وحرف . ومن جملتها تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكرة . وتقسيم وجوه الاعراب إلى الرفع والنصب والجر والجزم ، وهذا يكاد يلحق بالمعجزات ، لأن القوة البشرية لا تفئ بهذا الحصر ، ولا تنهض بهذا الاستنباط . وان رجعت إلى الخصائص الخلقية ، والفضائل النفسانية والدينية ، وجدته ابن جلاها ، وطلاع ثناياها . وأما الشجاعة ، فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ، ومحى اسم من يأتي بعده ، ومقاماته في الحرب مشهورة يضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة ، وهو الشجاع الذي ما فر قط ، ولا ارتاع من كتيبة ، ولا بارز أحدا الا قتله ، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت الأولى إلى الثانية ، وفي الحديث : كانت ضرباته وترا . ولما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما ، قال عمرو : لقد أنصفك ، فقال معاوية : ما غششتني منذ نصحتني الا اليوم ، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق ، أراك طمعت في امارة الشام بعدي ، وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته ، فأما قتلاه فافتخار