هذه الأمة وقادتها ، ونحن اليوم في طبقة سافلة جدا عنهم ، فكيف يحسن بنا التعرض لذكرهم ؟ أليس يقبح من الرعية أن تخوض في دقائق أمور الملك وأحواله وشؤونه التي تجري بينه وبين أهله وبني عمه ونسائه وسراريه ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله صهرا لمعاوية ، وأخته أم حبيبة تحته ، فالأدب ان تحفظ أم حبيبة وهي أم المؤمنين في أخيها . وكيف يجوز أن يلعن من جعل الله تعالى بينه وبين رسوله مودة ؟ أليس المفسرون كلهم قالوا : هذه الآية أنزلت في أبي سفيان ، وهي قوله تعالى عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة [1] فكان ذلك مصاهرة رسول الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان وتزويجه ابنته ، على أن جميع ما تنقله الشيعة من الاختلاف بينهم والمشاجرة لم يثبت ، وما كان القوم الا كبني أم واحدة ، ولم يتكدر باطن أحد منهم على صاحبه قط ، ولا وقع بينهم اختلاف ولا نزاع . فقال أبو جعفر رحمه الله : قد كنت منذ أيام علقت بخطي كلاما وجدته لبعض الزيدية في هذا المعنى ، نقضا وردا على أبي المعالي الجويني فيما اختاره لنفسه من هذا الرأي ، وأنا أخرجه إليكم لأستغني بتأمله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه ، فاني أجد ألما يمنعني من الإطالة في الحديث ، لا سيما إذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم ، ثم أخرج من بين كتبه كراسا قرأناه في ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون ، وأنا أذكر هاهنا خلاصته : قال : لولا أن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه ، كما أوجب موالاة أوليائه ، وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها ، أو صح الخبر عنها بقوله سبحانه لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو