المغيرة بن شعبة وخاض القوم ، فذمه بعضهم ، وأثنى عليه بعضهم ، وأمسك عنه آخرون . فقال بعض فقهاء الشافعية [1] ممن كان يشتغل بطرف من علم الكلام على رأي الأشعري : الواجب الكف والامساك عن الصحابة وعما شجر بينهم ، فقد قال أبو المعالي الجويني : ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ، وقال : إياكم وما شجر بين صحابتي . وقال : دعوا لي أصحابي ، فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا لما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه . وقال : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم . وقال : خيركم القرن الذي أنا فيه ثم الذي يليه ثم الذي يليه . وقد ورد في القرآن الثناء على الصحابة وعلى التابعين ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . وقد روي عن الحسن البصري أنه ذكر عنده الجمل وصفين ، فقال : تلك دماء طهر الله منها أسيافنا ، فلا نلطخ بها ألسنتنا . ثم إن تلك الأحوال قد غابت عنا ، وبعدت أخبارها على حقائقها ، فلا يليق بنا أن نخوض فيها ، ولو كان واحد من هؤلاء قد أخطأ لوجب أن يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله فيه ، فمن المروة ان يحفظ رسول الله صلى الله عليه وآله في عائشة زوجته ، وفي الزبير ابن عمته ، وفي طلحة الذي وقاه بيده . ثم ما الذي ألزمنا وأوجب علينا أن نلعن أحدا من المسلمين أو نبرأ منه ؟ ! وأي ثواب في اللعنة والبراءة ؟ ان الله تعالى لا يقول يوم القيامة للمكلف : لم لم تلعن ؟ بل يقول له : لم لعنت ؟ ولو أن انسانا عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يكن عاصيا ولا آثما ، وإذا جعل الانسان عوض اللعنة أستغفر الله كان خيرا له . ثم كيف يجوز للعامة أن تدخل أنفسها في أمور الخاصة ؟ وأولئك قوم كانوا امراء