على أنه لو كانت الصلاة دالة على النص ، لم يخل من أن يكون دالة من حيث كانت تقديما في الصلاة ، أو من حيث اختصاصها بحال المرض ، فان دلت من الوجه الأول وجب أن يكون جميع من قدمه الرسول عليه السلام في طول حياته للصلاة أئمة للمسلمين ، وقد علمنا أنه عليه السلام قد ولى الصلاة جماعة لا يجب شئ من هذا فيهم ، وان دلت من الوجه الثاني ، فالمرض لا تأثير له في ايجاب الإمامة . ولو دل تقديمه في الصلاة في حال المرض على الإمامة لدل التقديم في حال الصحة ، ولو كان للمرض تأثير لوجب أن يكون تأميره أسامة بن زيد ، وتأكيده أمره في حال المرض ، مع أن ولايته يشمل على الصلاة وغيرها موجبا للإمامة ، لأنه لا خلاف أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقول إلى أن فاضت نفسه الكريمة صلوات الله عليه : أنفذوا جيش أسامة ، ويكرر ذلك ويردده . فان قيل : لم تدل الصلاة على الإمامة من الوجهين اللذين أفدتموهما ، لكن من حيث كان النبي صلى الله عليه وآله مؤتما بأبي بكر في الصلاة ومصليا خلفه . قلنا : قد مضى ما يبطل هذا الظن ، فكيف يجعل ما هو مستحيل في نفسه حجة ؟ على أن الرسول صلى الله عليه وآله عند مخالفينا قد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف ، ولم يكن ذلك موجبا له الإمامة ، وخبر صلاة عبد الرحمن بن عوف أثبت عندهم وأظهر من صلاته خلف أبي بكر ، لأن الأكثر يعترف بعزله عن الصلاة عند خروجه ، وهو رواية البخاري ومسلم ، ونقل أيضا عن الواقدي والشاذكوني وعن أبي حنيفة عن إبراهيم النخعي [1] . ومما يدل على بطلان ما حسبوه نصا زائدا على ما قدمنا رواياتهم المشهورة الدالة على أن النبي صلى الله عليه وآله توفي من غير استخلاف ، نقل البخاري في أواسط صحيحه عن ابن عمر ، قال : حضرت أبي حين أصيب ، فأثنوا عليه وقالوا : جزاك الله خيرا ،