ان قالوا : لم يكن أبو بكر فيه . قلنا : نقل عن الواقدي باسناده عن عروة ، قال : كان فيهم أبو بكر ، وروي عن عمر بن دينار مثله ، وقد اشتهر قول أسامة : أمرني النبي صلى الله عليه وآله على أبي بكر . ولا يعتبر بمن حمل نفسه من المخالفين على أن يدعي أن الرسول صلى الله عليه وآله لما خرج إلى المسجد لم يعزل أبا بكر عن الصلاة وأقره في مقامه ، لأن هذا من قائله غلط فضيع ، من حيث يستحيل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وهو الامام المتبع في سائر الدين متبعا مأموما في حال من الأحوال ، وكيف يجوز أن يتقدم على النبي صلى الله عليه وآله غيره في الصلاة ؟ وقد دلت الدلالة على أنه لا يتقدم فيها الا الأفضل على الترتيب المعروف . ومن الدليل على عزل أبي بكر ، اختلافهم في أن النبي صلى الله عليه وآله لما صلى بالناس ابتدأ من القرآن من حيث ابتدأ أبو بكر أو من حيث انتهى . ومما يدل أيضا على عدم الإذن في الصلاة أنهم لم يذكروا في رواياتهم أن رسول النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر للاذن في الصلاة من كان ؟ ويؤيده أيضا ما تضمنته رواياتهم من أن أبا بكر لما أتته الرسالة بالصلاة أشار إلى عمر أن يصلي ، فإن كان عرف أن الرسالة من النبي صلى الله عليه وآله ما جاز له أن يخالفه ، ويبعد عن نفسه دليل خلافته . على أنا لا نعلم لو تجاوزنا عن جميع ما ذكرناه وجها ، يكون منه خبر الصلاة شبهة في النص ، لأن الصلاة ولاية مخصوصة في حالة مخصوصة لا تعلق لها بالإمامة ، لأن الإمامة تشتمل على ولايات كثيرة من جملتها الصلاة ، ثم هي مستمرة في الأوقات كلها ، فأي نسبة مع ما ذكرناه بين الأمرين ؟ ولو كان التقدم في الصلاة دليلا على خلافته لاحتج به أبو بكر عند منازعته الأنصار . وسيجئ إن شاء الله رواياتهم المتضمنة لعدم استخلاف النبي صلى الله عليه وآله أحدا المنافية لكون الاذن في التقدم للصلاة استخلافا ، وكيف يستلزم التقدم في الصلاة الخلافة ؟ مع جوازه لكل بر وفاجر عند أهل السنة ، والخلافة عندهم لا يجوز الا لأهل العدالة .