وأما الجواب عن الخامس ، فان هذه الآية لا تتناول جميع الأمة ، لأن ما اشتملت عليه من الأوصاف من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرهما ليس موجودا في جميع الأمة . فان قيل : هي متوجهة إلى الجميع ، كان علمنا بأن أكثرهم لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر دافعا لقوله ، وان اعترف بتوجهها إلى البعض . قيل : فما المانع أن يكون الدافع للنص وهم أكثر الأمة ممن لم يتوجه إليه الآية . فان قيل : فأي فضل يكون لهذه الأمة على الأمم قبلها إذا كان أكثرها قد ضل وخالف النبي صلى الله عليه وآله ويجب أن يكون أمة موسى أفضل . قيل له : أما لفظة ( خير ) فهي عندنا وعندك تنبئ عن الثواب والفضل ، وليس يمتنع أن يكون من لم يخالف النص من الأمة أكثر ثوابا وأفضل عملا من الأمم المتقدمة ، ألا ترى أن أمتنا بلا خلاف أقل عددا من أمم الكفر ، على أن قوما من الأمة باتفاق أهل النقل ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ، وطوائف من العرب بزعم أهل السنة رجعوا عن أديانهم حتى قوتلوا على الردة ، ولم يكن هذا في أمة موسى وعيسى ، ولم يوجب ذلك أن يكون أمة موسى وعيسى خيرا من أمتنا ، فظهر أنه لا اعتبار بالردة ، بل الاعتبار بالفضل وزيادة الخير على الأعمال ، وأيضا أصحاب موسى وعيسى لم يجتمعوا على قتل خليفة نبيهم ، وأكثر أصحاب نبينا اتفقوا على قتل عثمان ، وهو بزعم النواصب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فظهر أنه لا اعتبار بالردة ، بل الاعتبار بالفضل وزيادة الثواب . وأما الجواب عن السادس ، فان أول ما فيه أنه خبر واحد لا يفيد علما ، ومسألة الإمامة علمية ، ورواية عبد الملك بن اللخمي مطعون فيها بأنه كان فاسقا جريئا على الله بالقتل ، وهو قاتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين عليه السلام إلى مسلم بن عقيل ، بعد رمي ابن زياد له ، وكان مروانيا يتولى القضاء لبني أمية ، شديد النصب