ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، اتفاق أولاد يعقوب عليه السلام مع طهارة مولدهم وتولدهم في الاسلام وتربيتهم في حجر نبي الله ، على قتل أخيهم الصغير يوسف الصديق ، مع كمال حسنه وجماله ، حسدا عليه ، فما التعجب في اتفاق أكثر أولاد المشركين الذين قست قلوبهم بعبادة الأصنام ، وشرب الخمور ، وقتل النفوس ، وقطع الرحم ، وارتكاب سائر الكبائر الموبقة والعظائم المهلكة ، على بيعة أبي بكر حسدا وبغضا ، لأن عليا عليه السلام كان قاتلا لابائهم وأبنائهم وقراباتهم ، وطمعا في الوصول إلى شهواتهم ومراداتهم ، كانوا يعرفون أن عليا عليه السلام يحول بينهم وبين ما يريدون من اللذات القبيحة . ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، اتفاق أهل العقبة على قتل سيد المرسلين ، فإذا أمكن اتفاق هؤلاء على مثل هذا الأمر الخطير ، لم لا يمكن اتفاقهم على غصب الخلافة ؟ ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، اتفاق الناكثين والقاسطين والمارقين مع كثرتهم على محاربة خليفة سيد المرسلين ، مع ظهور الحجج والبراهين على إمامته ، وفرض طاعته ، ووجوب مودته . ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، روايات وردت عن النبي صلى الله عليه وآله في بيان حال أمته بعده ، منها : ما رواه الحميدي في مسند سهل بن سعد ، في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : أنا فرطكم على الحوض ، من ورد شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبدا ، وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ، ثم يحال بيني وبينهم . قال أبو حازم : فسمع النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا الحديث ، فقال : هكذا سمعت سهلا يقول ؟ قال : فقلت : نعم ، قال : وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يقول : انهم أمتي ، فيقال : انك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقا