في جوف داره ليس له جمعة ولا جماعة [1] . انتهى . ولا يخفى أنه كان من قاتليه عمار الذي سماه النبي صلى الله عليه وآله الطيب المطيب [2] ، وقد روى المخالف عدة روايات في مناقبه . منها : أن النبي صلى الله عليه وآله قال : يدور الحق مع عمار حيث ما دار . وهذه الرواية من المشهورات ، وفي تاريخ أعثم الكوفي ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، من جملة مناظرة صارت بين عمار وعمرو بن العاص في صفين ، أنه قال عمرو : فما ترى في قتل عثمان ؟ فقال - يعني عمار - : قد خيرتك كيف قتل عثمان ؟ قال عمرو : لعلي قتله ، قال عمار : بل الله قتله ، قال عمرو : فهل أنت في من قتله ؟ قال عمار : أنا ممن قتله وأنا اليوم أقاتل مع من قتله لأراد ان قتل الدين فقتل [3] . انتهى . أقول : لا يخفى على الخبير البصير المتتبع أن الاتفاق الذي تحقق على قتل عثمان لم يتحقق مثله على خلافة أبي بكر ، ومع هذا حكموا بصواب بيعة أبي بكر وعلى خطأ قتل عثمان ، فتأمل فان هذا من أعجب الأمور . ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، تخلف بني إسرائيل عن هارون ، وعبادتهم العجل في غيبة موسى ، مع رجاء عوده إليهم وخوف مؤاخذته إياهم ، وفي قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي [4] . إشارة إلى تخلف الناس عن علي عليه السلام كما تخلف بنو إسرائيل عن هارون . ومما يرفع أيضا هذا التعجب ، اتفاق بني إسرائيل على قتل الأنبياء ، حتى نقل أن في يوم واحد قتل مائة واثني عشرة نبيا .
[1] الفتوح 3 : 76 . [2] سنن الترمذي 5 : 626 برقم : 3798 . [3] الفتوح لابن أعثم الكوفي 3 : 77 . [4] راجع مصادر الحديث إلى كتاب إحقاق الحق 5 : 123 - 234 و 16 : 1 - 97 .