أبا بكر في الصلاة مقامه ، فأوهمهم أن ذلك جار مجرى النص عليه بالخلافة ، وقال في يوم السقيفة : أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمهما رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة ثم أكد ذلك بقوله لأبي بكر وقد عرض عليه البيعة : أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها ، شدتها ورخائها ، رضيك لديننا ، أفلا نرضيك لدنيانا . وأرضاه عمرو بن العاص ، فروى حديثا افتعله واختلقه على رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال : سمعته يقول : ان آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالح المؤمنين ، فجعلوا ذلك كالناسخ لقوله عليه السلام ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) . قلت للنقيب : أيصح النسخ في مثل هذا ؟ أليس هذا نسخا للشئ قبل تقضي وقت فعله ؟ فقال : سبحان الله من أين تعرف العرب هذا ؟ وأنى لها أن تتصوره ؟ فضلا عن أن تحكم بعدم جوازه ، فهل يفهم حذاق الأصوليين هذه المسألة ؟ فضلا عن حمقى العرب ، هؤلاء قوم ينخدعون بأدنى شبهة ، وهم أصحاب جهل وتقليد لا أصحاب تفضيل ونظر . قال : ثم أكد حسن ظن الناس بهم أنهم طلقوا أنفسهم عن الأموال ، فزهدوا في متاع الدنيا وزخرفها ، وسلكوا سلوك [1] الرفض لزينتها والرغبة عنها ، والقناعة بالطفيف النزر منها ، وأكلوا الخشن ، ولبسوا الكرابيس ، ولما ألقت إليهم الدنيا أفلاذ كبدها ، وفروا الأموال على الناس ، وقسموها بينهم ، ولم يتدنسوا منها بقليل ولا كثير ، فمالت إليهم القلوب ، وأحبتهم النفوس ، وحسنت فيهم الظنون . وقال من كان في نفسه شبهة منهم أو وقفة في أمرهم : لو كان هؤلاء قد خالفوا النص لهوى أنفسهم لكانوا أهل الدنيا ، ولظهر عليهم الميل إليها والرغبة فيها ، والاستئثار بها ، وكيف يجمعون على أنفسهم بين مخالفة النص وترك لذات الدنيا ومآربها ، فيخسروا الدنيا والآخرة ، وهذا لا يفعله عاقل ، والقوم عقلاء ذووا