فسأل الرجل عن أحمد : ماله لا يقصدني ؟ فقالوا له : ان أحمد ليس يعتقد ما تظهره ، فلا يأتيك الا أن تسكت عن اظهار مقالتك له ، قال فقال : لابد من اظهاري له ديني ولغيره ، وامتنع أحمد من المجئ إليه . فلما عزم على الخروج من الكوفة قالت له الشيعة : يا أبا عبد الله أتخرج من الكوفة ولم تكتب عن هذا الرجل ؟ فقال : ما أصنع به لو سكت عن اعلانه بذلك كتبت عنه ، فقالوا : ما نحب أن يفوتك مثله ، فأعطاهم موعدا على أن يتقدموا إلى الشيخ أن يكتم ما هو فيه ، وجاؤا من فورهم إلى المحدث وليس أحمد معهم ، فقالوا : ان أحمد عالم بغداد ، فان خرج ولم يكتب عنك ، فلابد أن يسأله أهل بغداد : لم لم تكتب عن فلان ؟ فتشهر ببغداد وتلعن ، وقد جئناك نطلب حاجة ، فقال : هي مقضية ، فأخذوا منه موعدا ، وجاؤا إلى أحمد وقالوا : قد كفيناك قم معنا ، فقام : فدخلوا على الشيخ ، فرحب بأحمد ، ورفع مجلسه ، وحدثه ما سأل فيه أحمد من الحديث . فلما فرغ أحمد مسح القلم وتهيأ للقيام ، قال له الشيخ : يا أبا عبد الله لي إليك حاجة ، قال له أحمد : مقضية ، قال : ليس أحب أن تخرج من عندي حتى أعلمك مذهبي ، فقال أحمد : هاته ، فقال له الشيخ : اني أعتقد أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله واني أقول : انه كان خيرهم ، وانه كان أفضلهم وأعلمهم ، وانه كان الامام بعد النبي صلى الله عليه وآله . قال : فما تم كلامه حتى أجابه أحمد ، فقال : يا هذا وما عليك في هذا القول ، قد تقدمك في هذا القول أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله : جابر ، وأبو ذر ، والمقداد ، وسلمان ، فكاد الشيخ يطير فرحا بقول أحمد ، فلما خرجنا شكرنا أحمد ودعونا له [1] .