وأما قولك ان رسول الله صلى الله عليه وآله منا ومنكم ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها . وأما قولك يا عمر انك تخاف الناس علينا ، فهذا الذي قدمتموه أول ذلك ، وبالله المستعان [1] . ثم نقل ابن أبي الحديد في موضع آخر من شرحه من تتمة هذا الخبر ، ان البراء قال : فكنت أكابد ما نفسي ، فلما كان بليل خرجت من المسجد ، فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن ، فامتنعت من بكائي ، فخرجت إلى الفضاء فضاء بني بياضة وأجد نفرا يتناجون ، فلما دنوت منهم سكتوا ، فلما رأيتهم سكتوا انصرفت عنهم ، فعرفوني وما أعرفهم ، فدعوني إليهم ، فأتيتهم ، فأجد المقداد بن الأسود ، وعبادة بن الصامت ، وسلمان الفارسي ، وأبا ذر ، وحذيفة ، وأبا الهيثم بن التيهان ، وإذا حذيفة يقول لهم : والله ليكونن ما أخبرتكم به ، ما كذبت ولا كذبت ، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين . ثم قال : إيتوا أبي بن كعب ، فقد علم كما علمت ، قال : فانطلقا إلى أبي ، فضربنا عليه الباب ، حتى صار خلف الباب ، فقال : من أنتم ؟ فكلمه المقداد ، فقال : ما حاجتكم ؟ فقال له : افتح عليك بابك ، فان الأمر أعظم من أن يجري من وراء حجاب ، قال : ما أنا بفاتح بابي ، وقد عرفت ما جئتم له ، كأنكم أردتم النظر في هذا العقد ، فقلنا : نعم ، فقال : فيكم حذيفة ؟ فقلنا : نعم ، قال : فالقول ما قال ، والله ما أفتح علي بابي حتى تجري علي ما هي جارية ، ولما يكون بعدها شر منها ، والى الله المشتكى [2] . وهذا الخبر صريح الدلالة على عدم ورود النص على خلافة أبي بكر ، وعلى وقوع البيعة على سبيل القهر والمكر .
[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 219 - 221 . [2] شرح نهج البلاغة 2 : 51 - 52 .