النبي صلى الله عليه وآله في الحجرة ، وأتفقد وجوه قريش . فاني كذلك إذا فقدت أبا بكر وعمر ، وإذا قائل يقول : القوم في سقيفة بني ساعدة ، وإذا قائل آخر يقول : قد بويع أبو بكر ، فلم ألبث وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة ، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية ، لا يمرون بأحد الا خبطوه وقدموه ، فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه ، شاء ذلك أو أبى . فأنكرت عقلي ، وخرجت أشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم ، والباب مغلق ، فضربت عليهم الباب ضربا خفيفا وقلت : قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة ، فقال العباس ، تربت أيديكم إلى آخر الدهر ، أما اني قد أمرتكم فعصيتموني ، فمكثت أكابد ما في نفسي ، ورأيت في الليل المقداد ، وسلمان ، وأبا ذر ، وعبادة بن الصامت ، وأبا الهيثم بن التيهان ، وحذيفة ، وعمارا ، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين . وبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فأرسلا إلى عبيدة ، والى المغيرة بن شعبة ، فسألاهما عن الرأي ، فقال المغيرة : الرأي أن تلقوا العباس ، فتجعلوا له ولولده في هذا الأمر [1] نصيبا ليقطعوا بذلك ناحية علي بن أبي طالب . فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والمغيرة حتى دخلوا على العباس ، وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه ، وقال : ان الله ابتعث لكم محمدا صلى الله عليه وآله نبيا ، وللمؤمنين وليا ، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم ، حتى اختار الله له ما عنده ، فخلى على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم متفقين غير مختلفين ، فاختاروني عليهم واليا ، ولأمورهم راعيا ، فتوليت ذلك ، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ولا حيرة ولا جبنا ، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه