الذي اعتبره المخالف وعده حجة هو اتفاق الآراء والاجتماع على سبيل الرضا . ومما يدل على ما ادعيناه من أن اتفاق الأمة لم يكن على سبيل الرضا ، بل كان على وجه القهر والاجبار ، ما رواه ابن أبي الحديد في شرحه ، قال : قيل لابن عباس لما أظهر قوله في العول [1] بعد موت عمر ولم يكن قبل يظهره : هلا قلت هذا وعمر حي ؟ قال : هبته وكان امرء مهيبا [2] . واستدعى عمر امرأة ليسألها عن أمر وكانت حاملا ، فلشدة هيبته ألقت ما في بطنها ، فأجهضت به جنينا ميتا ، فاستفتي عمر أكابر الصحابة ، فقالوا : لا شئ عليك إنما أنت مؤدب ، فقال له علي عليه السلام : إن كان راقبوك فقد غشوك ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا ، عليك غرة - يعني : عتق رقبة - فرجع عمر والصحابة إلى قوله . وعمر هو الذي شيد بيعة أبي بكر ، ورقم المخالفين فيها ، فكسر سيف الزبير لما جرده ، ودفع في صدر المقداد ، ووطئ في السقيفة سعد بن عبادة ، وقال : اقتلوا سعدا قتل الله سعدا ، وحطم أنف الحباب بن المنذر الذي قال يوم السقيفة : أنا جذيلها [3] المحكك وعذيقها المرجب . وتوعد من لجأ إلى دار فاطمة عليها السلام من الهاشميين وأخرجهم منها ، ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر ، ولا قامت له قائمة [4] . ويدل أيضا على ما ادعيناه ما رواه أيضا ابن أبي الحديد في شرحه ، عن البراء بن عازب ، أنه قال : لم أزل لبني هاشم محبا ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله خفت أن تتمالأ قريش على اخراج هذا الأمر عنهم ، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول ، مع ما نفسي منن الحزن لوفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند
[1] عول الفريضة وهو : أن تزيد سهامها ، فيدخل النقصان على أهل الفرائض . [2] في الشرح : مهابا . [3] الجذيل : تصغير الجذل بالكسر ، وهو في الأصل عود ينصب للجربى تحتك به فتستشفى . [4] شرح نهج البلاغة 1 : 173 - 174 طبع سنة 1378 ه ق .