وهم المؤمنون ، والكلام في هذه الآية كالكلام في الآية الأولى . ويرد عليها أكثر ما يرد عليها ، ومما يختص بهذه الآية أن الإنابة حقيقتها في اللغة هي الرجوع ، وإنما يستعمل في التائب من حيث رجع عن المعصية ، فحملها على جميع المؤمنين تجوز . وذكروا في وجه الدلالة في الآية الثانية : أن الوسط العدل ، لأن الوسط من كل شئ المعتدل منه ، فلو اتفق الأمة على خطأ لم تكن عدلا . والجواب عنها من وجوه : الأول : أنه لا يجوز أن يكون المراد بالآية كل واحد من الأمة ، لأنه معلوم البطلان ، فان أكثر الأمة غير متصف بالعدالة ، فالمراد بها : إما مجموع الأمة من حيث المجموع ، فليس حينئذ اجماع أهل عصر واحد حجة . وإما المراد بها البعض ، فحملها حينئذ على بعض لا تجوز الا بمخصص ومرجح ، والراجح حملها على الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله ، لما ثبت عصمتهم بآية التطهير ، وبحديث اني تارك فيكم الثقلين الحديث [1] . والثاني : أن اتصاف الأمة بالعدالة لا يقتضي العصمة بحيث يستحيل اتفاقها على الباطل . والثالث : أن العدل هو المتحرز عن الكبائر ، فاتصاف الأمة بالعدالة لا يقتضي الا عدم اتفاق الأمة على الكبائر . وذكروا في وجه الدلالة في الآية الأخيرة : أن اتصاف الأمة بالخيرية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تقتضي أن لا يتفق الأمة على الخطأ . والجواب عنه على نحو الجواب عن الآية السابقة ، فليتدبر . وتمسك العضدي في حجية الاجماع بوجهين عقليين :
[1] سيأتي مصادر حديث الثقلين ، وهو حديث متواتر بين الفريقين .