عدم حجية مضمرات غير الفقهاء من الرواة لاحتمال استفتائهم غير المعصوم ( ع )
بل إن فقاهة أولئك الرواة ، ومعرفتهم بمزايا الأحكام وفن الحديث تمنع من نقلهم كلام غير المعصوم ( ع ) بأسلوبهم الذي ينقلون به الأحاديث عن المعصومين ( ع ) حذراً من عروض الالتباس ولو بعد حين . وسبب الاضمار أحد أمور . الأول : وجود القرينة المعيّنة للإمام ( ع ) الذي صدر عنه الحكم عند نقل الراوي ، فاتكل عليها في معرفة مرجع الضمير ، حالية كانت أو مقالية . الثاني : التقية فلم يجرأ الراوي على التصريح بالإمام ( ع ) خوفاً من ولاة الجور وأذنابهم ، حتى أن الرجل في بعض تلك العصور إذا حّدث عن الإمام علي ( ع ) قال : « عن أبي زينب » . كما سبق [1] . الثالث : تقطيع الأحاديث عند نقلها عن الأصول وتبويبها في المجاميع الواصلة إلينا ، كما أشار إليه الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني ، فان فقهاء الرواة كانوا يسألون الإمام ( ع ) عن عدة فروع في مجلس واحد أو أكثر ثم يحررون الجميع في أصولهم ، وينقلونه إلى غيرهم ، فيصرحون في صدر الكلام بالإمام المسؤول ويعطفون عليه مضمرين ، كما في أسئلة علي بن جعفر عن أخيه موسى ( ع ) . ولما بّوب مشايخنا الأحاديث قطّعوها ، وذكروا كل قطعة في بابها فعرض الاضمار . وأما الدعوى الثانية ، وهي عدم حجية مضمرات باقي الرواة فمن أجل توقف الحجية على إحراز استناد الحكم إلى المعصوم ( ع ) ولو تعبداً بنقل الثقة عنه ، وهذا لم يثبت هنا ، إذ كما يحتمل استناده إليه ( ع ) يحتمل استناده إلى بعض فقهاء الإمامية الذين أمرهم الإمام ( ع ) بالافتاء بين الناس ، لتعذر الوصول إليه غالباً ، وأمر الشيعة بالرجوع إليهم وأخذ الحكم منهم ، ولذا نقل عنهم