وثانياً : بأن الاجماع على تصحيح ما يصح عن أولئك الجماعة لا يلازم وثاقة من رووا عنه ، إذ كما تطلق صحة الحديث لدى القدماء على ما رواه الثقات تطلق على المحتف بالقرائن المفيدة للوثوق بالصدور وان كان الراوي ضعيفاً وفاسقاً ، على خلاف مصطلح المتأخرين ، ولعل الاطلاق الثاني أكثر شيوعاً لديهم من الأول ، وقد سبق [1] . ولذا قال الشيخ الأصبهاني في ( الفصول ) [2] : « . . . فهذه العبارة منقولة عن المتقدمين وقد عرفت أن تصحيحهم لا يقتضي التوثيق » . وقال الشيخ النوري : « . . . ما ذكره يتم على القول بكون مفاد العبارة وثاقة الجماعة المذكورين أو وثاقتهم ووثاقة كل من كان في السند بعد أحدهم . وأما على ما هو المشهور من أن المراد صحة أحاديث الجماعة بالمعنى المصطلح عند القدماء ، فلا دلالة فيها ولو بالالتزام على وثاقتهم ، لجواز كون وجه الصحة احتفاف أحاديثهم بالقرائن الخارجية التي تجامع ضعف راويها ، كما صرح به جماعة منهم الخ » [3] . وعلى هذا فلا وجه لقياس هذا الاجماع بتوثيق الراوي في كتب الرجال . حول تزكية الراوي وثالثاً : بأن توثيق الراوي ، وتزكيته في تلك الكتب ، مستند إلى سبر حياته ، ومعرفة أقواله ، وأفعاله الكاشفة عن وثاقته تارة ، وضعفه أخرى لأنها أمارات يعرف بها حال الرجل ، وتقواه . ولا اشكال في الاعتماد عليها لدى الشرع ، والعرف ، في الجرح ، والتعديل . فيبتني عليها الحكم بعدالته ليؤتم به في الصلاة ، وتقبل شهادته ، وينفذ حكمه في القضاء إذا كان مجتهداً
[1] انظر ص 19 . [2] انظر فصل معرفة توثيق المزكي للراوي . [3] مستدرك الوسائل ج 3 ص 759 .