لأنه أول من توسع فيه ، وركّز دعائمه في القرن الثاني للهجرة حتى اشتهر العمل به . وقد أثبت الشيخ محمد بن الحسن الحر في كتابه ( الوسائل ) [1] عدة أحاديث تضمنت تلك المناظرات يقرب مضمون بعضها من حديث ابن شبرمة السابق ، وجاء في بعضها « يا أبا حنيفة أيما أرجس البول أو الجنابة فقال : البول . فقال ( ع ) فما بال الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول ؟ فسكت » . وفي حديث آخر « البول أقذر أم المني ؟ فقال : البول أقذر . فقال ( ع ) : يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني ، وقد أوجب اللّه تعالى الغسل من المني دون البول الخ » . ولذا كان المنع عن استعمال القياس في الأحكام من ضروريات مذهب الشيعة [2] . بل نقل السيد المرتضى عن قوم من شيوخنا أنهم قالوا : « إنه مستحيل من طريق العقول العبادة بالقياس في الأحكام » [3] . لكن المنحرفين عن أهل البيت ( ع ) حيث لم يستقوا الفقه من منهله العذب الفّياض ضاقت بهم مدارك الأحكام فاضطروا إلى استعمال القياس وإليه يشير ما نقل عن أمير المؤمنين ( ع ) : إن قوماً ثقلت عليهم الأحاديث أن يحفظوها ، وأعوزتهم النصوص أن يعوها فتمسكوا بآرائهم [4] . وفي ذلك يقول الشيخ محمد رضا المظفر : « والذي يبدو أن المخالفين لآل البيت الذين سلكوا غير طريقهم ولم يعجبهم أن يستقوا من منبع علومهم أعوزهم العلم بأحكام اللّه وما جاء به الرسول ( ص ) فالتجأوا إلى أن يصطنعوا الرأي والاجتهادات الاستحسانية للفتيا والقضاء بين الناس . بل حكّموا الرأي والاجتهاد حتى فيما يخالف النص أو جعلوا ذلك عذراً مبرراً
[1] أنظر ب 6 - صفات القاضي - كتاب القضاء [2] معالم الأصول ص 213 [3] مقدمة كتاب السرائر [4] فرائد الأصول ص 157