فيجب العمل به لذلك ، لان العلم حجة ذاتية بدون توسط تعبّد شرعي ، وإن اختلف في أن العلم الحاصل بالتواتر ضروري أو نظري . وعرّف المتواتر : بأنه الذي « بلغت رواته في الكثرة مبلغاً أحالت العادة تواطؤهم على الكذب ، واستمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث تتعدد ، فيكون أوله كآخره ، ووسطه كطرفيه » [1] . ويلحق به الحديث المحفوف بالقرائن الموجبة للقطع بصدوره عن المعصوم ( ع ) وان لم يتواتر ، فيجب العمل به لذلك أيضاً . وسيأتي البحث عنه مفصّلا . أما الحديث الغير المتواتر ، والمحفوف بتلك القرائن - وهو المسمّى بخبر الواحد - ، فقد اختلف قدامي الفقهاء في حجيته ، فاختار جماعة عدمها ، كالسيد المرتضى ، وابن إدريس ، بل نسب إلى الأكثر ، وإن اختلفوا في إمكان التعبّد به وعدمه [2] ، حيث أغناهم عنه الاخبار المحفوفة بقرائن أفادتهم وثوقاً بصدورها عن المعصوم ( ع ) . واختار آخرون حجيته ، كالشيخ الطوسي ، صرح بها في موارد من كتاب ( العدة ) مستدلاً بقوله : « ومما يدل أيضاً على صحة ما ذهبنا إليه انا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال . . . فلولا أن العمل بما يسلم من الطعن ، ويرويه من هو موثوق به جائز ، لما كان بينه وبين غيره فرق الخ » [3] ، ولكل من الفريقين أدلة بسطت في كتب الدراية والأصول . أما المتأخرون من الفقهاء فقد اجمعوا على حجيته ، وأقاموا الأدلة عليها .
[1] الدراية للشهيد الثاني ، ص 12 . [2] انظر مقدمة كتاب السرائر ، والدراية للشهيد الثاني ص 27 ، ومعالم الأصول ص 184 . [3] عدة الأصول ص 58 .