وقد أمر هارون ببناء قبة تعد في الواقع أول عمارة للضريح المقدس ثم استمرت العمارة حتى بلغت الذروة في العهد البويهي ، وقد وصف ابن بطوطة الذي زار الضريح سنة 725 ه وأشار إلى بعض مراسم الزيارة فيه ، كما أشار إلى قبري آدم ونوح ( عليه السلام ) . وما يزال ضريح علي ( عليه السلام ) بقبته الذهبية الشماء ، يرمز إلى مجده وكرامته وعلو منزلته ، وما تزال الملايين من المؤمنين تقصده كل عام تتبرك به ، وتلهج بالثناء عليه ، وإذا كان الإمام علي ( عليه السلام ) قد عبر في واحدة من مناسبات صراعه المرير مع الباطل بقوله : أنزلني الدهر حتى قيل معاوية وعلي . فان عليا ( عليه السلام ) يذكر اليوم مع معاوية ولكن ليس كند له بل كنقيض له في النبل والخلق والانسانية . والكتاب الذي بين يديك - عزيزي القارئ - والموسوم ب ( فرحة الغري ) من نتاج القرن السابع الهجري فقد ولد مؤلفه سنة 647 ه وتوفي سنة 693 ه . ويبدو أن هذا الجهد العلمي جاء استجابة من مؤلفه السيد عبد الكريم بن طاووس لاحد الأفاضل في عصره . وطاووس لقب مشهور في البيوتات العلوية لقب به محمد بن إسحاق الذي يرقى نسبه إلى الحسن بن علي سبط رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . ومن المؤكد ان مؤلفه ومن خلال التأمل في أبواب الكتاب - كان على اطلاع واسع بكتب الحديث ومصادر التاريخ . وهو يصور بشاعة السياسة الأموية واحتياطات الامام لدفنه سرا خشية وقوع حرب أهلية فيما لو أقدم بعض الخوارج المتعصبين أو الأمويين الحاقدين على العبث بقبر الإمام ( عليه السلام ) .