فضفاضه ، ولأصدرهم بطانا قد تحير بهم الرأي غير متحل بطائل إلا بغمر الناهل وردعه سورة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يسكبون ، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي لجأ استندوا وبأي عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، ولبئس للظالمين بدلا . استبدلوا والله الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قو م يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، ألا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم ( أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ) [1] . ولم يؤثر عن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنهن خاصمن أبا بكر في شئ من ميراثهن ، أكن أزهد من الزهراء في متاع الدنيا ، وأقرب إلى ذوق أبيها في الحياة ؟ أو أنهن اشتغلن بمصيبة رسول الله ولم تشتغل بها بضعته ، أو أن الظروف السياسية هي التي فرقت بينهن فأقامت من الزهراء معارضة شديدة ، ومنازعة خطرة دون نسوة النبي اللاتي لم تزعجهن أوضاع الحكم . وأكبر الظن أن الصديقة كانت تجد في شيعة قرينها ، وصفوة أصحابه الذين لم يكونوا يشكون في صدقها من يعطف شهادته على شهادة علي وتكتمل بذلك البينة عند الخليفة . أفلا يفيدنا هذا أن الهدف الأعلى لفاطمة الذي كانوا يعرفونه جيدا ليس هو إثبات النحلة أو الميراث ، بل القضاء على نتائج السقيفة [2] ؟ وهو لا يحصل بإقامة البينة في موضوع فدك ، بل بأن
[1] يونس / 35 . [2] راجع : شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 236 ، ويظهر أن الخلافة فطنت إلى هذا الأمر ، فحالت دونه ، ويظهر من المحاورة التي جرت بين الخليفة الثاني وابن عباس جلية الموقف ، جاء في تاريخ الطبري 2 : 578 . . . قال عمر : يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منهم - من بني هاشم - بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال ابن عباس : فكرهت أن أجيبه ، فقلت : إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني ، فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا بجحا ، فاختارت قريش لنفسها فأصابت ووفقت . فقلت : يا أمير المؤمنين إن تأذن لي في الكلام . . . فقال : تكلم يا ابن عباس ، فقلت : أما قولك : اختارت قريش فأصابت . . . فلو أن قريشا اختارت لأنفسها حيث اختار الله عز وجل لكان لها الصواب بيدها غير مردود . . . أما قولك : كرهوا أن تجتمع النبوة والخلافة فإن الله وصف قوما بالكراهية فقال : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) سورة محمد / 9 .