الخلافة والحكم . وإلفات المسلمين إلى حظهم العاثر واختيارهم المرتجل وانقلابهم على أعقابهم ، وورودهم غير شربهم ، وإسنادهم الأمر إلى غير أهله ، والفتنة [1] التي سقطوا فيها ، والدواعي التي دعتهم إلى ترك الكتاب ومخالفته فيما يحكم به في موضوع الخلافة والإمامة . فالمسألة إذن ليست مسألة ميراث ونحلة إلا بالمقدار الذي يتصل بموضوع السياسة العليا ، وليست مطالبة بعقار أو دار ، بل هي في نظر الزهراء ( مسألة إسلام وكفر ، ومسألة إيمان ونفاق ، ومسألة نص وشورى ) [2] . وكذلك نرى هذا النفس السياسي الرفيع في حديثها مع نساء المهاجرين والأنصار ، إ ذ قالت فيما قالت : ( أين زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الروح الأمين والطبين بأمر الدنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله نكير سيفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله ، تالله لو تكافؤوا عن زمام نبذه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاعتلقه وسار إليهم سيرا سجحا لا تكلم حشاشه ، ولا يتعتع راكبه [3] ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح
[1] راجع نصوص السقيفة في تاريخ الطبري 2 : 235 وما بعدها ، وفيها : ( أن بيعة أبي بكر فلتة . . ) . [2] هذا بلحاظ المنظور الفاطمي للقضية برمتها وفي أبعادها ، وقد عبرت عن ذلك في خطبتها قائلة : إنما زعمتهم خوف الفتنة ثم تلت قوله تعالى : ( ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) التوبة / 49 ، وراجع المناقشة الوافية الشافية لمسألة ( النص والشورى ) في نشأة التشيع والشيعة / الأمام السيد الشهيد الصدر - بتحقيق الدكتور عبد الجبار شرارة . [3] تاريخ الطبري 2 : 580 ، قول الخليفة الثاني في قصة الشورى . . . قالوا : يا أمير المؤمنين لو عهدت عهدا ! فقال : قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلا أمركم ، هو أحراكم أن يحملكم على الحق . وأشار إلى علي . . . ) . وراجع أنساب الأشراف / البلاذري 2 : 214 .