الحاكم في هذا الطور من المقايسة على البينة ، لأن الحاكم قد يخطأ كما أن البينة قد تخطأ ، فهما في شرع الواقع سواء كلاهما مظنة للزلل والاشتباه . ولكن في المسألة أمر غفل عنه الباحثون أيضا ، وهو أن ما يعلمه الخليفة من صدق [1] الزهراء يستحيل أن لا يكون حقيقة ، لأن سبب علمه بصدقها ليس من الأسباب التي قد تنتج توهما خاطئا وجهلا مركبا ، وإنما هو قرآن كريم دل على عصمة ( 1 ) المدعية . وعلى ضوء هذه الخاصية التي يمتاز بها العلم بصدق الزهراء ، يمكننا أن نقرر أن البينة التي قد تخطأ إذا كانت دليلات شرعيا مقتضيا للحكم على طبقه . فالعلم الذي لا يخطئ وهو ما كان بسبب شهادة الله تعالى بعصمة المدعي ، وصدقة أولى بأن يكتسب تلك الصفة في المجالات القضائية . وعلى أسلوب آخر من البيان نقول : إن القرآن الكريم لو كان قد نص على ملكية الزهراء لفدك وصدقها في دعوى النحلة لم يكن في المسألة متسع للتشكيك لمسلم أو مساغ للتردد لمحكمة من محاكم القرآن . ومن الواضح أن نصه على عصمة الزهراء في قوة النص على النحلة ، لأن المعصوم لا يكذب ، فإذا ادعى شيئا فدعواه صائبة بلا شك . ولا فرق بين النص على العصمة والنص على النحلة فيما يتصل بمسألتنا ، سوى أن ملكية الزهراء لفدك هي المعنى الحرفي للنص الثاني ، والمعنى المفهوم من النص
[1] راجع قوله - أي الخليفة الأول - في تصديق الزهراء ، شرح النهج 16 : 216 . ( 2 ) كما في آية التطهير قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل لبيت ويطهركم تطهيرا ) الأحزاب / 33 . راجع المستدرك 3 : 160 - 161 ، طبعة دار الكتب العلمية ، راجع صحيح مسلم 5 : 37 ، فضائل الصحابة ، باب فضائل أهل البيت عليهم السلام ، ط 1 ، مؤسسة عز الدين - بيروت / 1407 ه ، تحقيق الدكتور موسى لاشين والدكتور أحمد عمر هاشم .