من الرضا . ( الثاني ) أن إغفال الإرث بالمرة في قصة زكريا الواردة في سورة آل عمران إن لم يد ل على أن الإرث خارج عن حدود الدعاء ، فهو في الأقل يوضح أن معنى الإرث في الموضع القرآني الاخر للقصة إرث المال لا إرث النبوة ، لأن زكريا لو كان قد سأل ربه أمرين : أحدهما أن يكون ولده طيبا رضيا ، والاخر أن يرث نبوته ، لما اقتصر القرآن الكريم على ذلك الوصف الأول الذي طلبه زكريا عليه السلام فإنه ليس شيئا مذكورا بالإضافة إلى النبوة . ولكي تتفق معي على هذا لاحظ نفسك فيما إذا سألك سائل بستانا ودرهما فأعطيته الأمرين معا . ثم أردت أن تنقل القصة وتخص الدرهم بالذكر ، لا أراك تفعل ذلك إلا إذا كنت كثير التواضع . ورجحان البستان على الدراهم في حساب القيم المادية هو دون امتياز النبوة على طيب الذرية في موازين المعنويات الروحية . وإذن فقصة زكريا التي جاءت في سورة آل عمران ، ولم يذكر فيها عن الإرث كثير أو قليل ، دليل على أن الإرث المذكور في الصورة الأخرى للقصة بمعنى إرث المال لا إ ث النبوة ، وإلا لكان من أبرز عناصر القصة التي لا يمكن إغفالها . ( السادس ) ولاحظ بعض الباحثين [1] في الآية الكريمة نقطتين تفسران الإرث فيها بإرث النبوة : ( الأولى ) قول زكريا عاطفا على كلمة ( يرثني ) : - ( ويرث من آل يعقوب ) - فإن يحيى لا يرث أموال آل يعقوب ، وإنما يرث منهم
[1] راجع الملاحظة والايراد والمناقشة في شرح النهج / ابن أبي الحديد 16 : 239 .