الأمام بلا ريب [1] . وقد اختلف شيعة علي وشيعة أبي بكر في معنى هذه الوصاية فذهب السابقون الأولون إلى أنها بمعنى النص عليه بالخلافة ، وتأولها الآخرون فقالوا : إن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علمه أو شريعته أو مختصاته . ولا نريد الان الاعتراض على هؤلاء أو تأييد أولئك ، وإنما نتكلم على الحديث بمقدار ما يتطلبه اتصاله بموضوع هذا البحث ونقرر النتيجة التي يقضي بها على كل من تلك التفاسير . فنفترض أولا : إن الوصاية بمعنى الخلافة ، ثم نتبين الصديق على هدى الحديث . فإنا سوف نراه شخصا سارقا لأنفس المعنويات الإسلامية ، ومتصرفا في مقدرات الأمة بلا سلطان شرعي . ولا مجال لهذا الشخص حينئذ أن يحكم بين الناس ، ولا يسعنا أن نؤمن له بحديث . ولنترك هذا التفسير ما دام شديد القسوة على صاحبنا ونقول : إن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علمه وشريعته ، فهل يسعنا مع الاعتراف بهذه الوصاية المقدسة أن نؤمن بحديث ينكره الوصي ؟ ! وما دام هو العين الساهرة على شريعة السماء [2] ، فلا بد أن يؤخذ رأيه في كل مسألة نصا لا مناقشة فيه ،
[1] قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 1 : 46 : فلا ريب عندنا أن عليا عليه السلام كان وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وإن خالف من ذلك من هو منسوب عندنا إلى العناد . ( الشهيد ) [2] راجع قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض ) - المعجم الصغير / الطبراني وإنه صلى الله عليه وآله وسلم اختصه من بين أصحابه وأهل بيته بأن عهد إليه سبعين عهدا لم يعهد لأحد غيره ، أنه مع الحق والحق معه ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( علي مني وأنا ولا يؤدي عني إلا هو . . . ) . راجع في كل ذلك الصواعق المحرقة / ابن حجر : 122 وما بعدها ، مختصر تاريخ ابن عساكر 17 : 256 وما بعدها .