ذلك ؟ فمن هو الذي اعتبر مبايعي أبي بكر أهل الحل والعقد ، وأعطاهم هذه الصلاحيات الواسعة ؟ ليس هو الأمة ولا النبي الأعظم ، لأننا نعلم أن أبطال السقيفة لم يأخذوا أنفسهم بمناهج الانتخاب غير المباشر ، ولم يستفتوا المسلمين في تعيين المنتخبين الثانويين الذين اصطلح عليهم في العرف القد يم بأهل الحل والعقد . كما أنه لم يؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إعطاء هذه الصلاحيات لجماعة مخصوصة ، فكيف تمنح لعدد من المسلمين ويستأمنون على مقدرات الأمة بغير رضى منها في ظل نظام دستوري كنظام الحكم في الإسلام كما يزعمون ؟ ! ومن العجيب في العرف السياسي أن تعين الحكومة نفسها أهل الحل والعقد [1] ، ثم تكتسب منهم كلمتها العليا . وأعجب من ذلك إخراج علي والعباس وسائر بني هاشم وسعد بن عبادة والزبير وعمار وسلمان وأبي ذر والمقداد وجميع أهل الحجى والرأي - على حد تعبير ابن عباس لعمر [2] - من أهل الحل والعقد إذا صح أن في
[1] راجع تاريخ الطبري 2 : 233 ، قال أبو بكر : إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين : عمر وأبا عبيدة ، . . . وأنا أرضى لكم أبا عبيدة ، فقام عمر ، فقال : أيكم - الخطاب للمجتمعين في السقيفة - تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم ! فبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار : . . . لا نبايع إلا عليا . [2] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 3 : 115 ، الطبعة غير المحققة ، إذ قال ابن عباس : أما أهل الحجى والنهى فإنهم ما يزالون يعدونه - أي عليا - كاملا منذ رفع الله منار الإسلام ، ولكنهم يعدونه محروما مجدودا . ( الشهيد )